جديدنا

أجمل قصة واقعية تتحدث عن الأب

من اجمل ما قرأت قصة واقعية تتحدث عن الأب.

قصة واقعية


سمعت صوت إغلاق باب المصعد وصوت خطوات زوجي وهو يتجه إلى باب شقتنا ويضع المفتاح في الباب وتذكرت صوت خطوات أخرى أطلت علي من الماضي السحيق وكانت تُثير رعبي وفزعي أنا وإخوتي، إنها صوت خطوات أبي وصوت مفتاحه في الباب وكان ذلك إعلاناً بقدوم الإعصار للبيت فهو لا يحب أن يرانا مستيقظين عند عودته ليلاً ، والويل لنا إن سمع صوت لأحدنا فيكون مصيرنا جميعا السباب أو الضرب وفقا لحالته النفسية، حتى أمي كان لها قدر من غضبه وتذمره الدائم فهي المهملة التي لم تُحسن تربيتنا، فكنا جميعاً يُصيبنا الرعب بمجرد دخوله البيت ونكتم أنفاسنا حتى يأتي الفرج من الله



 ويغادر عندها نعود لأحاديثنا وضحكنا وصخبنا وحتى مشاجراتنا، وتعود لأمي ابتسامتها. كنت أكره كل الرجال بسبب أبي الغاضب دائماً بلا سبب، شديد التجهم في كل الأوقات حتى لا أكاد أتذكر ابتسامته في وجوهنا ولا حتى في الأعياد ولا في لحظات نجاحنا. كنت أظن أن جميع الرجال هكذا حتى ذهبت يوما لألعب مع جارتي وزميلتي في المدرسة وسمعنا صوت المفتاح في الباب فأصابني الفزع وأختبأت بسرعة وهي تتعجب من حالي وراقبت الموقف لأراقب غضب أبيها ففوجئت بمشهد لم أره من قبل فهي وأختها تجريان فرحتين تجاهه فحملهما وقبلهما وضحك لهما ثم أخرج لهما من جيبه قطع الحلوى التي أحضرها معه، ورغم أنها كانت من النوع الرخيص إلا أنها أسعدتهما كثيراً وجاءت زوجته من الداخل فرحبت به مبتسمة ومنحها كيس البرتقال الذي أحضره من أجلها كما قال لها، وعندما رآني ابتسم لي ورحب بي وقال لابنته أن تقتسم معي الحلوى. كانت أجمل حلوى أكلتها في حياتي ليس بسبب مذاقها إنما لأنها مغموسة بالحب والحنان وبتلك الابتسامة التي لم أنل مثلها من قبل.



 حكت لي جارتي أنها تعشق أباها فهو رغم ضيق ذات يده يحرص على أن يحضر لهما ما تحبانه كما أنه يغمرهم جميعاً بحبه واهتمامه بقدر ما يسمح له وقته فهو يعمل في عملين ليستطيع الوفاء بالتزاماته. قارنت بينه وبين أبي الثري الذي لم يمنحنا سوى غضبه وتذمره ولعناته، حتى المال نحصل عليه بعد أن يوبخنا ويعايرنا أنه ينفق علينا ونحن لا نستحق، قارنت بين الفقير المُحب لأسرته الذي يُشيع وجوده البهجة في حياتهم، والثري المُفزع  الذي يرعبنا ووجوده في البيت هو الجحيم بعينه. كم دعوت الله أن يرزقني بزوج مثل والد جارتي الذي لم أنس يوما ابتسامته البشوشة في وجهي. أفقت من سيل تدفق الذكريات على صوت إغلاق الباب واندفاع التوأم تجاه زوجي وهما يضحكان بصخب ويقولان: -جبت لنا إيه يا بابا؟ -جبت لكم التفاح اللي طلبتوه وجبت لماما الشيكولاتة اللي بتحبها فابتسمت وشكرته وقبله الولدان فرحين، وحمدت الله على نعمة الزوج البشوش الذي تشرق ابتسامته لتبدد ظلمات الحياة، والذي عوضني عن قسوة أبي وجمود مشاعره. تمت  

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-