قصة ماقبل النوم انا نجحت وسأخطب مريم
سردة قصيرة من الارشيف بقلمي مستوحاة من قصة حقيقية لكن حبيت اكتبها بطريقتي الخاصة إحد الأطباء النفسيين قد نشر على حسابه ....
(( في أحدى الأيام جائني مريض شاب في الثلاثين من عمره أنتقل حديثاً إلى منزل جديد يدعي أن المنزل المجاورة لمنزله سكانه لا يكفون عن الإزعاج وإفتعال المشاكل
ولطالما كنت أسمع ليلاً صراخ وبكاء أمرأة وكأنها تتعرض للعنف من أحدم شعرت بالحزن على حالها فقررت أن أتدخل وأتقدم لها بالمساعدة ربما كانت في مأزق وليس لها أحد
في اليوم التالي عزمت أمري وتوجهت إلى منزلهم طرقت الباب مِراراً ولم يستجب لي أحد أدرت ضهري لأعود إللي منزلي خائب لأتفاجئ بصوت مقبض الباب وهو يدور ويفتح ألتفتت إلى جهة الباب وكدت أنصعق من هول ما رأيت تسمرت مكاني من الهلع و الخوف حينما رأيتها كانت تقف أمامي فتاة بعقدها العشرون شاحبة الوجه شعرها متناثر على كتفيها بعشوائية يغطي جسدها النحيل ثوب أبيض رقيق قد تلوث بالدماء بأماكن متفرقة وتوجدبه آثار للحروق تحمل في عنقها قلادة تحمل نصف قلب مكسور تحيط عيناها غيوماً سوداء تكاد تمطر جمراً على واحاتها الخضراء وكأنها لوحة فنية غامضة ومخيفة هل هي حقيقية ام يخيل إلي
سادت لحظات من الصمت قررت تحطيمها تقدمت منها ببطئ لكنها تراجعت بخووف محافظة على مساحة بيننا سألتها بإهتمام بعد ان ايقنت إنها حقيقية
؛؛ هل أنتِ بخير لا تقلقي فأنا هنا لمساعدتك أخبريني ماذا يحصل لكِ...
نظرت إلي بعينين دامعتين أبتسمت لي ثم بدأت تختفي أبتسامتها تدريجياً تحولت واحات عينيها الخضراء إلى قطعتي جمر ملتهبة تكاد تحرق كل ما حولها
تكلمت بعدها بصوت أشبه للفحيح ( أبتعد عني وإلا ستحترق أيضاً) وأصبحت تتبخر وتختفي أمام عيناي وكأنها لم تكن أبداً لأدرك إنني أصبحت وحدي مواجهة لباب المنزل المغلق بأحكام و كأن لم يفتح قط ،،، تباً ماذا يحدث لي أين أختفت الفتاة وكيف أُغلق ذلك الباب غادرت المكان مسرعاً دخلت إلى منزلي ألتقط أنفاسي بصعوبة وصورة تلك الفتاة المخيفة لا تفارق خيالي هل تراني جننت أم أصبحت أرى أشياء لا وجود لها
في الليلة الثانية لم أستطع النوم من هول ما رأيت في تمام الساعة الثانية بعد منتصف الليل سمعت صراخ الفتاة مجدداً من منزلها رأيت نوراً يخرج من منزلهم لينعكس على نافذتي بعد تردد طويل نظرت من النافذة إلى شرفة منزلهم لأتفاجأ برؤية تلك الفتاة نفسها وهي ترتدي ثوب الزفاف الأبيض وهي محيطة بالنار تماماً لكن دون أن تحترق أو تصيب بأذى بل كانت تتمايل بخفة من بين النار في هذهِ اللحظة شعرت بالرعب مما رأيت هل هذا أيضاً كان خيالاً هل تُراني جننت حقاً وأصبحت أتخيل أشياء مخيفة أم هذهِ الفتاة حقيقية أو ربما تكون شبحاً أو جنية متنكرة بهيئة البشر حتماً هي شبح وليست حقيقة
في اليوم التالي عزمت الامر و قمت بجمع أغراضي وتركت المنزل بأكمله لأستقر في منزل آخر يبعد عن تلك المنطقة ولكن صورة تلك الفتاة لا تفارق خيالي لطالما تزورني في أحلامي وتراودني الكوابيس دائماً وكأنها لعنة حلت علي مما دفعني الفضول لأذهب إلى منزلها مرة أخرى أعلم إن هذا يسمى جنون ولكنني تعبت من التفكير في اليوم التالي وبعد مضي ثلاثة أشهر من أنتقالي ذهبت إلى منزل الفتاة مجدداًوقفت أمام المنزل وكادت قدماي تحملاني من الخوف طرقت الباب بيدان ترجفان مراراً لكن دون أمل لم يفتح ذلك الباب الذي كان يملئه خيوط العنكبوت وكأنه لم يفتح منذ سنوات خرجت من المنزل يائساً لألتقي بشخص يظهر عليه علامات الجنون فهو يسير ويكلم نفسه تارة ويبكي تارة أخرى ولكن ما صدمني هو تلك القلادة اللتي كان يحملها في عنقه مما دفعني للأقتراب منه أكثر لأتأكد من شكوكي يا إللهي إنه نصف القلب الذي وجدته في عنق الفتاة يشبهه إلى حدٍ كبير بدأ الخوف يتسلل إلى قلبي
نظر إلي مطولاً بالرغم إنه بدا لي إن الرجل كان أعمى والبياض يغطي عينيه ثم أطلق ضحكة طويلة مخيفة وبعدها تحولت للبكاء وسرعان ما غادر المكان تاركاً أياي في رهبة وحيرة من أمري
قابلت عجوزاً يقطن في الجوار وسألته عن هذا الشخص المجنون من يكون وما الذي أدى به إلى الجنون
فكان جواب العجوز مثل الصاعقة بالنسبة لي
* هذا ليس بمجنون يا بني إنه شخص قد كُسر قلبه بكل ما تعنيه كلمة الكسر من معنى
هذا آدم الذي تخرج من كلية الأقتصاد وقد أحب فتاة تسمى (مريم) في الكلية وأستمر ذلك الحب طيلة خمسة أعوام على أمل أن يتزوجا بعد التخرج وفي عام 2005 تخرج آدم من الكلية وذهب حالاً إلى منزل مريم ليتقدم إلى خطبتها هذا هو اليوم المنتظر لكِلاهما لطالما كانا يحلمان في هذه اللحظة
ولكن والد مريم كان له رأي آخر فقد حال بين حبهم ووقف رافضاً في طريقهم بسبب أوضاع آدم المادية ... رجل شرقي يقوده التخلف مثل كثيير من الناس في زماننا هذا كل ما يهمه منزل وآثاث باهظ الثمن وكأنه يخبرهم (بكم تريدون شراء أبنتي) والد مريم لم يعلم أن الحب الصادق يعادل كنوز الدنيا بأكملها ليته يعلم أن السعادة لا تشُترى بالمال
خرج آدم من منزلهم بقلب منكسر محطم أيعقل أن يخسر حب حياته الذي دام لخمسة سنين من أجل المال!!!
أما مريم فلم تستطع أقناع والدها رغم أصرارها الشديد لذلك في أحدى الليالي وفي تمام الساعة الثانية عشر ليلاً أقدمت مريم على قتل نفسها حرقاً على شرفة منزلها أعتراضاً على قرار والدها مشهد مخيف شهد عليه كل أهل الحي أما آدم عندما علم بأن حبيبته قتلت نفسها لم يستوعب الأمر وظل ببكي عليها إلى أن جفت دموعه وفقد بصره وظل يتألم لفراقها إلى أن فقد عقله أيضاً
ومنذ ذلك الوقت يا بني منذ أن مضى خمسة عشر سنة وآدم إلى الآن يجول الشوارع ويقف أمام منزلها وهو يردد نفس الكلام
انا نجحت وسأخطب مريم اﻻسبوع القادم
يا بني آدم فقد بصره وعقله وعاش الباقي من عمره في حزن وحسرة على حبيبته
آدم أعقل من أي رجل في زماننا هذا ولكن شاءت الأقدار به ليصل إلى ما هو عليه فكانت الظروف عذرهم
؛؛ لا أصدق أيعقل هذا .... ثم عم صمت طويل أسترجع به ذاكرتي وأنا أنظر إلى آدم الذي كان جالساً أمام منزل الفتاة المخيفة اللتي رأيتها .. هل هذا هو منزل مريم سألت العجوز
العجوز: نعم يا بني منذ خمسة عشر عاماً وهذا المنزل خالٍ من الروح حين قرر عائلتها الإنتقال إلى مدينة أخرى وترك منزلهم هذا بعد تلك الفاجعة حتى البعض يعتقد أن المنزل يوجد به روح شريرة فيحترق ويقتل كل من يدخله بشكل غامض ولكن آدم لم يستوعب إلى الآن وما زال يردد ( مريم هنا لم تمت وهي في حاجتي)
؛؛ دخل الخوف إلى قلبي ما أن سمعت كلام ذلك العجوز كاد قلبي يخرج من صدري أصبحت أتصبب عرقاً وفي نفسي أردد ، ولكن أنا رأيتها فعلاً رأيتها تبكي ورأيتها تحترق على الشرفة ورأيت قلادة نصف القلب المكسور على رقبتها هل كانت تلك مريم هل ما زالت على قيد الحياة أم هي كما يقال روحاً شريرة تحرق كل من يقترب منها كما أخبرتني نظرت إلى المنزل مطولاً ما هي قصتك يا مريم هل انتِ حقيقية أم وهم وهذا الذي سوف أتأكد منه ))
ثم أكمل الطبيب قائلاً ....
وفي الجلسة الثانية لم يأتي المريض إلى موعده المقرر مما جعلني أشعر بالقلق حياله أتصلت به على المنزل لأطمئن عليه ولكن لا يوجد أستجابة مما دفعني فضولي لأذهب إليه بنفسي فأنا أعلم عنوانه الجديد من ملفه وعندما ذهبت إلى منزله لم أجده أيضاً لأعلم من الجيران بعدها إنه وجد في اليوم السابق محروقاً في منزله ولا أحد يعلم سبب وفاته وكيفية حرقه إلى الآن لأن لا احد من الجيران رأى ناراً يخرج من منزله