قصة واقعية جحيم الموبايل
من ساعة ما اشتريت الموبايل ده والمصايب ملاحقاني من كل ناحية .. معرفش إزاي موبايل زي دا يتباع بخمسين جنيه بس إلا إذا كان مسروق أو وراه سر ماحدش يعرفه غير صاحبه .
فاكر إنه فضل يرن قبل الفجر في أول ليلة اشتريته فيها، ولما صحيت وحاولت أرد كان الخط فصل ، لكن تقريباً دي كانت أهم رنة في حياتي .
في الليلة دي كان فيه نور غريب جاي من الصالة رغم إني متأكد إني قفلت كل الأنوار قبل ما أنام ، وصوت أغرب ، خلاني أقوم من مكاني بسرعة ، ولما خرجت أشوف مصدره لاقيت حريق كبير في البيت ، وابني الصغير واخد ركن في الصالة وقاعد بيصرخ .
ساعتها بدأت مراتي تصرخ هي كمان لحد ما جيراننا كلهم صحيوا على صوتها وقدرنا نطفي النار قبل ما تاكل البيت كله .
رغم كل اللي حصل إلا إن فرحتي كانت لا توصف .. حمدت ربنا إن الرنة دي جت لي في التوقيت ده تحديداً عشان تنقذني أنا وأسرتي من مصير بشع كان في انتظارنا لو كانت النار انتشرت أكتر من كده .
معرفش مين اللي اتصل بي وقتها، ويمكن الموضوع كان غريب بما إن محدش معاه رقمي الجديد ، لكني وقتها تجاهلت كل ده وانشغلت بإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد المشهد الجنوني ده .
تاني يوم حاولت أتصل بالرقم ده لكنه كان غير موجود بالخدمة . ومادققتش بعدها غير لما جت لي رسالة من نفس الرقم نفسه بتقول إن ابني عمل حادثة ومات .
وقتها كنت في الشغل ف اتصلت على مراتي بسرعة أسألها عنه ، فأكدتلي إنه كويس ونايم في أوضته . ويمكن دا طمني شوية بعد ما كنت بدأت أصدق صاحب الرقم ده تصديق مطلق ، وقبل ما آخد نَفَسي كان الرقم نفسه بعت لي رسالة تانية صادمة أكتر من الأولى .
" ابنك مات يا محمود ، ومراتك أنكرت ده عشان ماتحاسبهاش على إهمالها . وكمان هي اللي سابت البوتاجاز شغال امبارح على الفاضي وده كان سبب الحريق .. الحق ابنك التاني من جبروتها ! "
كنت مستغرب ازاي عرف اسمي . وازاي عرف موضوع الحريق بتاع امبارح ، ودا اللي خلاني رجعت البيت زي المجنون وأنا بدعي يكون كلامه غلط .
لما دخلت البيت مراتي كانت مرتبكة جداً ، ف تجاهلتها من غير سلام ولا كلام وجريت على أوضة معاذ اللي كان نايم فعلاً ، لكني لما قربت منه اتأكدت إن صاحب الرسايل دي كان صح في كل كلمة قالها .. معاذ كان ميت فعلاً !
ماكانش بيتنفس .. نبضه كان واقف ومفيش أي معالم تقول إنه لسه عايش .
صرخت في وشها وقلتلها : قتلتي ابنك يا سارة ؟
وقبل ما ترد شلته ونزلت بيه زي المجنون لحد ما وصلت المستشفى .. هناك أخدوا مني معاذ وقالولي استنى هنا .
فضلت مستني أكتر من ساعة .. لو ميت كانوا قالوا في وقتها، أكيد مش قاصدين يدوني أمل وياخدوه مني في لحظة !
بعد أسوأ ساعة في حياتي ماقدرتش أنتظر أكتر من كده خصوصاً بعد ما الخوف على ابني قتلني .. جريت على الممرض اللي أخده مني بسأله ابني فين، فقال بمنتهى اللامبالاة إنه مايعرفنش وماشافنيش قبل كده أصلاً ، وخلص كلامه وهو بيشاور ناحية بوابة المستشفى ، وبمجرد ما التفتت ورايا كان اختفى .
في اللحظة دي تحديداً كنت عامل زي المستذئبين بتوع الأفلام .. فضلت أجري في الطرقة وأنا مستني فرصة إن حد يظهر قدامي عشان افترسه ، لكن اللي أنقذهم مني صوت التليفون وهو بيرن تاني ، والغريبة إن المرة دي كانت مراتي اللي بتتصل بيا !
قالت إن معاذ تعبان جداً ولازم يروح المستشفى ، والغريبة إن معاذ نفسه كلمني وقتها وهو بيكح ، وبقيت بعدها مش فاهم أي حاجة .
ازاي ؟
أمال مين اللي كان معايا والممرض أخده مني ؟
إيه اللي بيحصل معايا بالظبط ؟
خرجت من المستشفى وأنا بحاول أربط الخيوط ببعضها من غير نتيجة ، وقررت أرجع للبيت للمرة التانية وأنا مش عارف أصدق مين بالظبط ، لكن قبل ما أشاور لتاكسي جت لي رسالة من نفس الرقم الغريب بيحذرني من صاحب التاكسي اللي هركب معاه رغم إني لسه ماشاورتش لحد .
بالرغم من كده تجاهلت رسالته ، وشاورت لأول تاكسي عدى قدامي وركبت عادي ، لكنه لما بص ليا اتجمدت في مكاني .
كان الممرض نفسه اللي أخد مني معاذ .. بيبص لي وبيبتسم ابتسامة مخيفة قبل ما أسمع صوت الصراخ نفسه اللي سمعته وقت الحريق .. ساعتها ظهر معاذ في الكرسي اللي ورا ومعاه سارة ، وملامح السواق ثابتة رغم إن الموقف وصل ذروته في التعقيد .
فجأة بدأ يزود سرعة العربية لحد ما بقينا بنتحرك بسرعة جنونية ، وبعدها بثواني ظهرت ورانا عربية شرطة كأنها بتطاردنا ، وواحد منهم ماسك ميكروفون وبيطلب مني أرمي الموبايل بسرعة وأنا مش مستوعب إيه اللي بيحصل بالظبط .
وقتها معاذ أغمى عليه أو معرفش إيه اللي حصل معاه بالظبط ، لكنه سكت ، والسواق بدأ يضحك بسخرية ، ولما عربية الشرطة كانت قربت تلحقنا بدأت سارة تصرخ وتطلب مني أرمي الموبايل وأنا متمسك بيه لا إرادياً .
مع السرعة الجنونية دي ماكانش فيه حل غير إننا نعمل حادث بشع، والعربية تتقلب بينا أكتر من عشر مرات في مشهد مأساوي ، لكني كنت حاسس وشايف كل لحظة فيه .. على الأقل لحد ما الصورة بقت ضبابية وبعدين اتحولت لسواد ، وبدأت أحس بتخبيط في راسي .
لما فتحت عيني اتفاجئت بسارة قدامي، بتضحك بهستيريا وهي ماسكة موبايلي وبتردد :
- يا محمود .. يا محمود !
موبايلك بيرن ، مش هترد ولا إيه ؟
كنت على سريري في أوضتي ، ومعاذ وياسين في أوضتهم كويسين جداً ، ومفيش أي أثر لحريق في الصالة .
تقريباً كل دا كان كابوس .. حتى الموبايل دا ماشتريتهوش من الأساس ، ومفيش موبايلات بخمسين جنيه اليومين دول .. يمكن كل دا يكون كابوس فعلاً . لكن المشاهد اللي شفتها وصورة الممرض ومنظر معاذ وسط الحريق لا يمكن يفارقوني لحد ما أموت .
،، تمت ،،