جديدنا

قصة امرأةٌ سورية فقدت زوجها

قصة امرأةٌ سورية ، فقدت زوجها



امرأةٌ سورية ، فقدت زوجها من بداية الثورة السورية ، وجدتُها أمام أحد المساجد تسأل الناس حاجتها يوما . 
فأكرمني الله عز وجل أن وجدتُ لها من يكفلها هي وأولادها حتى هذا اليوم وحتى اللحظة التي أكتب فيها . 
بعد أن مرت أربع سنوات أو خمس سنوات . كنتُ أُرغِّبها أن تتزوج بمن يتقِ الله فيها . ويحميها من المجتمع وما فيه من مصائب وفتن يعلمها الجميع . خاصةً أن ليس معها إلا ولدين صغيرين وبنت ، لكنها كانت ترفض على أمل أن تلتقي بزوجها يوما من الأيام، 
كنت أقول لها هو في الغالب أنه مات ، إذ انقطعت أخباره تماما،  حتى سلّم أبواهُ أنه مات ، فلا تنشغلي بالماضي وانظري في أمرك وأمر أبنائك وانظري إلى مستقبلهم ومستقبلك ، 



فكانت تقول ، أخشى أن يكبر أبنائي ويكونون هم أول من يحاسبني . 
وأخشى أن يظهر زوجي يومًا من الأيام فأكن خائنًة له ولأمانتهِ التي استودعنيها . فكنت أقول لها أن الأمر أهون من ذلك . وأنتِ معذورةٌ ، لكن كان دائما كلامي بلا جدوى ،
أما هي . فلم تكن تملّ السؤالَ عليه بكل سبيل ، مع فقدانها لأهلها جميعا وتشريدهم . ومع فقدان أهل زوجها وتشريدهم إلا أنها لم تملّ يوما من السؤال عنه والبحث عنه .
سنحت لها الفرصة منذ أسبوعين أن سافرت إلى سوريا مصطحبة أبناءها في زيارة لمدة خمسة عشر يوما فقط وتعود ، 
بذلت فيها كل وسعها باحثةً عن زوجها . في كل المعتقلات والسجون وأسماء المفقودين والمحكوم عليهم ، بمفردها ولا أحد معها يعينها على ذلك ..



حتى تفاجأت بوجود زوجها سجينا في سجن (صيدنايا) في سوريا . فلم تصدق نفسها ، فقدمت طلبا لرؤيته وزيارته . فقُبل الطلب . شريطةَ أن تكون الزيارة ثلاثين دقيقة من خلف القضبان . تراه ويراها ويرى الأبناء ، وبينهما حائل 
فوافقت بشدة على ذلك ، وكان هذا أقصى أمانيها،  
لم يكن يعلم الزوج المسكين بشيء مما يجري ، حتى أُخبر بموعد الزيارة . فلم يتوقع من الزائر !!؟ .. 
حتى خرج إليها ووقف مذهولا أمامها ، يُقلِّب بصره ودموعه على وجهه ولسانه يتلعثم ويكاد قلبه أن يقف من هول الفرحة ، حتة أنه لم يطرِف بعينه فلا يغيب عنه وجهها 
وهي صامدةٌ شامخةٌ رافعةٌ رأسها ثابتةٌ ثبات الأسودِ في القتال والفُرسان في مواقع النزال،  
محتجبة مختمرة ملتحفة بثيابها ، يعلوها الفخر والشموخ والعزة والكرامة . وهو يبكي بين يديها لا يصدق ما يرى . حيث ابنته التي تركها في بطنها ها هي طفلةٌ جميلةٌ في السابعة من عمرها . وولده الأكبر في الحادية عشر وولده الأوسط في التاسعة من عمره ولا يتذكره منهم إلا الأكبر يسيرا جدا ....



لحظات كلما تذكرتها وهي تقصها عليّ وتحكيها لي لم يستوعبها عقلي ولم يثبت أمامها دمعي ، واعتلى فيها خفقان قلبي وزاد نبضي ..
أي امرأة وفيةٍ كريمة طيبة العشرة مثل تلك المرأة ..؟
أي ثبات هذا ..؟
أي شموخ وعزة وكرامة وطهارة وشرف يعلو ثيابها وحجابها وتاريخها 
..؟
هنيئا له امرأته الصابرة المحتسبة الطاهرة العفيفة الشريفة .؟
وهنيئا له صبره واحتسابه وسلامته .؟
وهنيئا له أبناءه أن يتربوا في حجر تلك المرأة الوفية .؟
..
مرت الثلاثون دقيقة بين دموع ونحيب وبكاء ونظرات . لم يكن فيها كثير كلام . لكن قيل فيها كل شيء كان في السبع سنين ..
           🌷  . بقي لي في السجن ثلاث سنوات . 🌷
            ❤️   . سأنتظرك لو كانت ثلاثين عام

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-