جديدنا

رواية حقيقية مؤثرة مش عارفة ابدأ حكايتي منين

 رواية حقيقية مؤثرة مش عارفة ابدأ حكايتي منين؟



البارت الاول

مش عارفة ابدأ حكايتي منين؟ أمممم خليني ابدأها بأصعب لحظة مرت عليا ، في يوم خميس الساعة واحدة بعد نص الليل ، صحيت على صفعة من جوزي ، كان ماسك في إيديه، شريط منع الحمل إللي كنت مخبياه عنه وموبايلي، فاتح عليه رسالة بيني وبين ابن خالتي وبيسألني عنها ، سأل من غير مايديني حق الإجابة ، رماني في قفص الاتهام وحكم عليا من غير ما يسمع كلمة واحدة، أنا حتى مالحقتش أنطق من كتر الضرب!

طيب أخلف تاني ازاي وإحنا مش قادرين نصرف على بنت واحدة! مامته بتزن ع الخلفة تاني عشان مش عايشة معانا ولا شايفة وضعنا ، حاولت أشرحله أسبابي بس ماسمعنيش!
حاولت أفهمه إني كنت بستلف من ابن خالتي فلوس علشانه وعلشان أكشف على بنتنا ويمكن يوصل لأهلي حالي و قلبهم يحن، بس ماصدقنيش رغم إن الرسايل كلها واضحة قصاده ، اتهمني في عرضي وضربني وأهانّي ، كنت فاكرة الخناقة زي كل مرة هتنتهي هنا أو بإنه يحبسني شوية لكن اتفاجئت بيه بيرميني بره البيت بهدوم النوم ويقفل باب الشقة ، كنت مصدومة و بعيط زي العيال الصغيرة وأخبط ع الباب عشان يفتحلي استر نفسي ، خايفة أنده أو أخبّط بصوت عالي حد من الجيران يخرج ويشوفني بالمنظر ده ، كنت فاكرة إنه بيعاقبني شوية وهيفتح الباب ويدخّلني بس للأسف مافتحش، أول ما سمعت بنتي بتصرخ قلبي وجعني ولقتني بخبّط وأصرخ بصوت عالي لحد ما الجيران إللي قصادنا فتحوا الباب ، اتصدموا لما شافوني باللبس ده ، جاري اتكسف ودخل بيته، جاب عباية من بتوع مراته ونده عليها من ورا الباب سترتني بيها ، ماكنتش في وعيي عاوزه أحضن بنتي وأطمنها وبس ، جارتي حاولت تهدّيني ، فقدت الوعي وفقت لقيت نفسي في صالة بيتها، طمنتني إن جوزها راحله وبيحاول يهدّيه ويتوسط بينّا ، كنت عارفه إنه مش هيسمعله كالعاده وبالفعل سمعناه وهو بيهينه ويطرده ، بعدها دخل وقالنا إنه أخد البنت ومشي ، قمت بسرعة ألحقهم ، كنت بجري ع السلم وجارتي ورايا ، مالحقتهوش، أخد بنتي ومعرفش راح فين !
جارتي عرضت عليا أبات عندها لحد الصبح بس أنا مكسوفة منها ومن جوزها بعد الوضع إللي شافوني فيه ، ده غير إن ماكنش هيجيلي نوم وبنتي مش في حضني!
شكرتها ع العباية والحجاب ومشيت ، ماكنتش عارفة أروح فين ولا أتصرف ازاي ، فضلت أجري في الطريق إللي مشيت فيه العربية يمكن ألحقهم!
ماكنتش حاسه بوجع رجليا بس ماقدروش يشيلوني أكتر من كده فوقعت ، فضلت أبكي وافتكر كل إللي مريت بيه وإللي عملته في نفسي ، مابقتش قادرة أستحمل ، قررت أنهي مأساتي ، وقفت و في نفس اللحظة إللي كنت رايحة أترمي فيها في حضن الموت سمعت صوت بنتي و قلبي ماطاوعنيش أسيبها ، فقت في آخر لحظة ، قعدت ع الرصيف أعيط بقهرة مش عارفة المفروض أعمل إيه ولّا أروح فين؟!
يمكن اتصدمتوا من إللي حصلّي من جوزي بس الصدمة الحقيقية لما تعرفوا إننا اتجوزنا بعد قصة حب خمس سنين!



من سبع سنين كنت عايشة حياة تانية ، كاميليا الشناوي البنت الوحيدة لصاحب أكبر مصانع الحديد والصلب فطبيعي أعيش مُدللة ومُرفّهة، طلباتي مُجابة من قبل ما أطلبها ، لحد ما دخلت كلية الإعلام ، كنت مبسوطة أوي عشان دي أول مرة أدخل في طريق من اختياري أنا وبمجهودي ، عشان كده رفضت أدخل جامعة خاصة، ما صدقت ألاقي فرصة أبعد بيها عن سيطرة بابا ونفوذه شوية ، حياتي كانت طبيعية، بنت مليانة حماس وحياة لحد اليوم إللي رحت فيه زيارة لصحبتي في كلية الهندسة ، كانت واقفة مع مجموعة من زمايلها وواقف وسطهم واحد بيخطب فيهم ويتكلم بحماسة وثورية عشان يشجعهم مايسكتوش عن حاجة حصلت في الكلية عندهم ماكنتش أعرف إيه هي ولا كنت مركزة غير فيه ، شكله وهو بيتكلم جذاب أوي ، وقفت جنبها منتبهة بكل حواسي لحد ما عينه جت في عينيا و كإن كل الواقفين حولينا اختفوا وكل الأصوات سكتت ، وقتها اتمنيت لو الزمن يقف وتطول اللحظة دي بس للأسف انتهت بسرعة و خلّص كلامه ، قعدت مع صاحبتي في الكافتيريا شاردة ، لسه تحت تأثير اللحظة ومش قادرة أترجم اللغبطة إللي جوايا!
وفجأة لقيته جاي علينا مع صاحبه إللي في نفس الوقت خطيب صاحبتي ، اتلاقت عيونّا للمرة التانية ، أول مرة أحس بكده ، قلبي بيدق بسرعة وحاسه بتنميل في كل أطرافي ، وقفوا عند الترابيزة بتاعتنا وأنا قاعدة متوترة جداً من نظراته فقال لصاحبه :
_ مش هتعرّفنا؟
_ طبعاً إنت عارف نور خطيبتي ودي صاحبتها كاميليا في إعلام
ابتسم و رحب بيا فكمل خطيب صاحبتي :
_ أعرفك يا كاميليا م
قاطعه و مد إيديه بالسلام وهو بيقول :
_ محمود في تالته هندسة
ابتسمت ورحبت بيه من غير ما أمد إيديا فاعتذرت نور وقالتله :
_ معلش يا هندسة أصل كاميليا دقة قديمة شوية ومابتسلمش على رجالة
بصتلها بلوم وقلت :
_ هو الصح دلوقتي بقى دقة قديمة؟!
سحب إيديه ولسه مبتسم بعدين قال لنور :
_ بالعكس هي مش دقة قديمة ولا حاجة ده الصح وأنا آسف إني اتسرعت واتصرفت غلط
_ ولايهمك ، هستأذنكم عشان العربية وصلت
بعد ما روّحت لقيت نور بتكلمني وتقولي إن محمود معجب بشخصيتي ومبسوط إني ملتزمة في لبسي وتصرفاتي ومستغرب ده جداً ، ماكنتش مندهشة من استغرابه عشان اتعودت من إللي بيتعاموا معايا ولا يعرفوا أنا مين حاطين صورة في ذهنهم إني لازم أكون صايعة وبعمل كل حاجة غلط!
مش بلومهم الإعلام يقدر يزرع أي فكرة بمنتهى السهولة ، كنت خايفة من إنجذابي الغريب ليه ، خصوصاً إني غصب عني لقتني كل ما أروح لنور عيني لوحدها بتدوّر عليه في كل الوشوش حولينا ولما ألمحه أحس بمشاعر غريبة وجديدة عليا ويا سلام على إللي بيحصل لقلبي لما يبتسم ، شخصيته جذابه أوي ، راجل بيجمع بين الجدية و الدم الخفيف ، بيتعصب للحق ويلين في لحظة كإنه شخص تاني غير إللي كان بيزعق ويتكلم من شوية ، تركيبة عجيبة شدتني بس كنت كل ما يحاول يقرب مني ويدخل دايرة حياتي إللي قفلاها عليا أفرمل نفسي وأرجع خطوة ، كنت عايشة في صراع ، أنا اتربيت على إن لازم يكون في حدود في التعامل بين البنت والولد وإن الحب ده في الأفلام، أما على أرض الواقع ممنوع ، فجأة لقتني غصب عني بغرق في بحر الحب ولما حاولت أهرب كنت زي إللي بيسبح عكس التيار!



وبعد زن من نور ومحاولات كتيرة منه في النهاية استسلمت للغرق !
ارتبطنا في السر محدش يعرف غير نور وخطيبها، واتفقنا إننا نحوّل الارتباط ده لخطوبة رسمي بعد ما يتخرج ويلاقي شغل ، كنت مسحورة ، أخيراً عشت الحب إللي كنت بشوفه في الأفلام!
مرت سنة والتانية والتالته والرابعة وأنا لسه عند وعدي وكل ما يتقدملي حد أرفض وأتحجج بالدراسة ، أخيراً لقى شغل في شركة صغيرة وكان عند وعده، تاني يوم بعد ما استلم الشغل قالي إنه عاوز يقابل بابا ، كنت طايرة من الفرحة أخيراً الحلم هيتحقق؟ أخيراً هيجمعنا أنا وحبيبي بيت؟ كنت ساذجة والحب عاميني بفكّر بقلبي وبس ولاغيه عقلي، فاكرة إن كل حاجة بسيطة وسهلة بنفس السهولة إللي بتجيلي بيها أي حاجة أطلبها !
كنت مكسوفة أكلم بابا عنه فحكيت لماما وأخويا الصغير عشان كان أقرب واحد ليا في إخواتي التلاته ، أكيد ماحكتش تفاصيل لكن قلت إن فيه إنسان كويس عاوز يتقدملي ، ماما قالت لبابا وطبعاً سأل عنه وعن كل فرد في عيلته ولقيته بيرفض ، فضلت أعيط لماما وأخويا لحد ما أقنعوه يقابله ، وبالفعل جه البيت ، بابا قعد معاه في الجنينة لمدة ساعة واحدة وأنا براقبهم من بلكونة أوضتي ، ملامح محمود وهو ماشي قلقتني ، وأول ما مشي من البيت كلمته لكن ماردش عليا ، سألت ماما عن إللي حصل فقالتلي إن بابا شايفه شخص مش مناسب ليا قولتلها :
_ علشان يعني مش من نفس الطبقة إللي حضراتكم بتتباهوا بيها!
ردت بانفعال :
_ كامليا، إنتِ عارفة كويس أوي إننا لا بنتباهى بحاجة ولا ده تفكير بابا والدليل إن ابن خالتك اتقدملك وهو لسه بيدرس وبيبني نفسه وباباكِ كان موافق لكن الشخص ده باباكِ بيقول حاسه غير مسئول ومش هيقدر يفتح بيت وكل كلامه غير واقعي
_ كان موافق عشان ناوي يشغله معاه يعني ضامن الوظيفة ، ليه مايعملش مع محمود كده ؟ شايفه لسه بيبني نفسه يشغله ويديله مرتب يفتح بيت
_ يا حبيبتي شيلي الغشاوة إللي حطاها على عينيكِ، يمكن معجبة بيه شوية أو ياستي بتحبيه بس الجواز مش حب وبس الجواز أكبر بكتيير من الحب ولو الشخص إللي هتعيشي معاه مش هيقدر يقدملك غير الحب بس فتأكدي إن العلاقة دي هتفشل ، وبعدين بابا لما سأل عنه لقى معلومة مهمة ، مامته كانت عامله في باباه محضر عشان ضربها ، واحد اتربى وشايف قدام عينيه أبوه مش بيحترم أمه يبقى هيحترمك ازاي!!
_ وهو ذنبه إيه ؟ ما كل البيوت فيها مشاكل ، محمود مختلف
_ الموضوع ده مفيهوش نقاش تاني يا كاميليا خلاص ، يمكن تحسي قرار باباكِ ضد رغبتك بس اسمعي كلامه الأب والأم بيبقى عندهم خبرة في الحياة وشايفين الأمور من فوق بكل أبعادها غير النظرة المحدودة إللي إنتِ بتستخدمي فيها قلبك وبس!
قلت بعند :
_ بس أنا بحب محمود ومش هتجوز غيره
سابتني و قبل ما تخرج قالت :
_ ماتنسيش إن أبوكِ بالذات مستحيل يجي بالعند
خرجت فانهرت ، ماكنتش بفكر في أي حاجة غير إني عاوزه أبقى مع محمود ، عشان كده تاني يوم روحتله المكتب ، كان بيتهرب مني ومش عاوز حتى يسمعني ولما بكيت لان ، قالي إن بابا جه على كرامته وقاله إنه مش هيقدر يعيشني يوم واحد من إللي عيشاه في بيت أهلي ، كنت حاسه بالغضب، في لحظة نسيت أهلي ونسيت كل حاجة اتربيت عليها ولقيتني بقوله بس أنا عوزاك إنت وهختارك إنت وهقف جنبك للنهاية ، روحت البيت وأنا مقررة أحارب عشان حبي ، حبست نفسي في أوضتي و منعت الأكل ومحمود بيتواصل معايا ويشجعني على عِندي عشان نبقى مع بعض ، نقلوني المستشفي بسبب قلة الأكل ورغم كل محاولاتي بابا زاد إصراره على الرفض ، لحد ما لقيت محمود في يوم بيقولي
" مفيش قدامنا غير إنك تهربي من البيت! "


البارت الثاني


" مفيش قدامنا غير إنك تهربي من البيت! "
الجملة فاجئتني ، عمرها ماخطرت على بالي قبل كده ولا فكرت حتى اني ممكن في يوم اعملها !
ولإني استصعبت الفكرة قولتله نستنى شوية يكوّن نفسه ويثبت لبابا إنه جدير بيا يمكن يقتنع ، وبالفعل فضلت سنداه ومستنياه، كمان كنت بساعده مادياً من ورا أهلي عشان يكون نفسه ، مروا ٣ شهور خلالهم كنت منعزلة عن أهلي ، عايشة معاهم بس طول الوقت في أوضتي لا بتكلم مع حد و لا بقعد مع حد، حتى سلوكياتي اتغيرت ، في الأول كانوا بيحاولوا يخرجوني من عزلتي ومع إصراري سابوني على راحتي ، لحد ما ابن خالتي اتقدملي تاني والمرة دي بابا كان مختلف، المرة دي بدأ يمارس الدكتاتورية في قرار جوازي ، اتصلت بمحمود وحكيتله قالي إن ده الوقت المناسب للهروب وساعتها هنحط أهلي قدام الأمر الواقع ، الحب كان عاميني بس رغم كده الفكرة مرفوضة جوايا ، مش قادرة أتخيل إني أعمل في أهلي كده ، لقيته بيخيرني إما أهرب معاه الليلة أو كل واحد فينا يمشي من طريق ، ٤ سنين حب مروا من عمري هيضيعوا في لحظة كده! معقولة كل الأحلام إللي بنيتها هتنتهي واتجوز جوازة تقليدية من غير ما يكون لقلبي رأي!
الوقت بيمر و أنا عاجزة عن التفكير ، جت اللحظة الحاسمة ، لحظة الإختيار إللي بعدها حياتي هتتغير للأبد ، وقتها كنت شيفاها مقارنة بين سعادتي مع محمود وتعاستي إللي عيشاها مع أهلي دلوقتي وهم عاوزين يفرقوني عن حبيبي ويجوّزوني جواز تقليدي ، بابا عنيد بس ناسي إن ورثت العند منه أنا هختار سعادتي ، جهزت شنطة صغيرة فيها أهم حاجتي وكتبت جواب لأمي ، بعدها نزلت بهدوء وخرجت من البيت ، محمود كان منتظرني في مكان قريب من بيتي، هربت معاه وجريت ورا السعادة إللي رسمهالي ...
قعدت في شقة بتاعة صاحب محمود كان مأجرها منه عشان نتجوز فيها وهو كان بيعدي يتطمن عليا من غير ما يدخل ، و بعد ٣ أيام اتفاجئت بصاحبه بيكلمني ع الرقم الجديد إللي جابهولي محمود ويقولي إنهم قبضوا عليه بتهمة خطفي ، رحت القسم وأول ما بابا شافني بدل ما ياخدني في حضنه ضربني ألم من شدته وقعت ع الأرض ، لمع العند في عيوني أكتر و اعترفت إن أنا إللي هربت معاه بإرادتي ، بعد ما انتهت التحقيقات، أخويا خاف عليا من غضب بابا، ركّبني عربيته وقعدنا في كافيه يقنعني إني اخترت غلط وإن الشخص ده لو كان حبني بجد عمره ماكان هيشجعني ع الغلط ، طلب مني أرجع معاه البيت على الأقل دلوقتي ، ولما وصلنا بابا طردني وقالي إني مابقاش ليا مكان في البيت ده وإنه خلاص متبرّي مني ، مشيت مش عارفه أنا حاسه بإيه ، جوايا فراغ كإن في حاجة ناقصة أو حاسه كإني عريانه!



لقيت محمود بيكلمني فبكيت ، سألني عن مكاني واستنيته ، جالي وأخدني الشقة إللي كنت قاعدة فيها ، كان في نظري راجل بجد شهم وجدع ، ورغم إن بابا استخدم نفوذه و اتسبب في طرده من الشركة ورفض باقي الشركات قبوله ماتخلّاش عني لحظة وفضل متمسّك بيا ، لقى فرصة شغل في السعودية بس محتاج فلوس كتيرة ومصاريف عشان نقدر نتجوز وأسافر معاه ، فبيعت كل دهبي إللي هربت بيه وهو باع أرض ورثها من باباه وخلصنا اجراءات السفر ، اتجوزنا بفضل أخويا إللي لما خلاص لقاني متمسكة بقراري جوزني ليه وودّعني ، لما رحت أودع أمي وباقي إخواتي اتمنعت من دخول البيت وبابا وصلّي رسالة مع أخويا انسى إن ليا أهل جملة صغيرة بس وجعها كبير أوي وتقيل ع القلب ، سافرت مع جوزي وماكنتش متخيله إني بعد ما أحقق حلمي سعادتي هتبقى ناقصة بالشكل ده!
بس بعد ما استقرينا ومحمود استلم شغله الإحساس ده بدأ يتلاشى وهو بيتفنن ازاي يسعدني ويعوضني عن غياب أهلي..
حاولت كتير أتواصل مع أمي أو إخواتي بس رفضوا يسمعوني حتى أخويا الوحيد منهم إللي كان واقف جنبي قاطعني زيهم ، الحياة كانت صعبة ، افتكرت نفسي هقدر أستحمل الفرق في المعيشة، صحيح كنت متأقلمة بس من جوايا تعبانه وبحاول مابينش لجوزي ، مشتاقة لأهلي ولحياتي فعملت حساب فيس بوك مزيف وبعت لكل أهلي وقرايبي عشان أعرف أخبارهم من بعيد لبعيد ، أخبار بابا كنت بعرفها من الإعلام بس رغم كل إللي حصل حساه واحشني أوي ونفسي اتطمن على صحته ، محدش قبل إضافتي غير بنت خالتي ، دخلت عندها واتفاجئت بصور فرح أخوها ، فرحت عشانه وإنه قدر ينساني ويكمل حياته ، أول ما شفت أمي وأبويا وإخواتي في الصور بكيت بحرقة ، كان زماني دلوقتي وسطهم كعادة كل مناسبة خاطفة الأضواء بفستاني وأناقتي، كنت في كل مناسبة أبقى محتارة ألبس إيه رغم دولابي المليان فساتين وفي النهاية بنزل أشتري فستان جديد، ازاي هحضر مناسبتين بنفس الفستان! أنا ماكنتش بلبس طقم غير مرة واحدة ، دلوقتي مابقاش حيلتي غير دولاب فاضي مفيهوش غير طقمين ببدل فيهم ، مش مهم كده كده مابخرجش من البيت ، صحيح الوضع كان ومازال صعب أوي ولسه مش عارفة أتعود على التغيُّر المفاجيء في طبيعة حياتي بالشكل ده بس كنت دايماً بصبّر نفسي إني عايشة مع حبيبي وبيعمل كل إللي يقدر عليه عشان يسعدني وبعدين أنا استحملت ٥ شهور اهه يبقى أكيد إن شاء الله هقدر أكمل ، لكن الحاجة الوحيدة إللي كانت مصبّراني للأسف بدأت تختفي ، محمود بقى عصبي أوي وبيتهمني دايماً إني مُسرفة ومش حاسه بيه ولا بسانده رغم إن أبسط حقوقي واحتياجاتي اتنازلت عنها عشانه وصابرة ومستحملة ، مابقاش طايقلي كلمة ولا بيحترم رأيي في أي حاجة تخص حياتنا حتى الخلفة بعد ما كنا متفقين نأجلها رجع في كلامه فيها بعد مكالمة من مامته ، حاولت أفهمه إن وضعنا لسه محتاج استقرار شوية بس ماسمعنيش ، وبالفعل حملت ، ورغم إني نفذت قراره وأنا متضايقه بس فرحته بحملي غيرت رأيي ، ده غير إن معاملته اتغيرت ورجعت تاني كويسة ، اكتشفت إنه بيدي لمامته كل يوم تقرير عن حياتنا وإنه ممشي الحياة بمشورتها وبس ، الموضوع يمكن كان مضايقني جداً بس أهه مامته في النهاية عاوزه مصلحتنا فكنت بسكت عشان أحافظ على بيتي ، لحد ما عرفنا إن إللي في بطني بنت والمعاملة بقت أسوأ مما كانت قبل حملي ، في اليوم ده اتخانقنا، المرة دي ماسكتش ولأول مرة يمد إيديه عليّا، وقفت مصدومة ومش عار فه لا أنطق ولا اتحرك ، دخلت أوضتي وكنت بلم هدومي لحد ما افتكرت إني ماليش حد ولا حتى معايا فلوس أرجع مصر، قعدت في الأرض أعيط ولأول مرة أواجه نفسي بالحقيقة إللي بهرب منها بابا كان عنده حق...



مش فاكرة نعست امته ع الأرض بس لقيته بيقومني وياخدني في حضنه ، اعتذرلي ووعدني إنه مش هيكررها وطبعاً مضطرة أصدقه عشان مفيش قدامي غير كده ، بس للأسف المرة دي اتكررت مرتين وتلاته لحد ما بقى الضرب ده أمر طبيعي ، كان ممكن أتضرب قدام الناس وفي الشارع عادي جداً ، في مرة لقيته بيقولي إنه هينزلني أعيش مع مامته في مصر وهو يبقى ينزلي أجازات عشان مابقاش قادر على مصاريفي كمان في بنت لسه جايه وده هيزود الحِمل ، فضلت اتحايل عليه وأعيط عشان مانزلش مصر ، أنا بخاف من مامته وأنا في بلد تانية ازاي هقدر أعيش معاها في بيت واحد!
وعدته إني مش هصرف أي حاجة تانية تخصني ولا هطلب منه حاجة وصلت لدرجة إن أوقات كنت بنام جعانة عشان أوفر وجبة لبكرة وده اتسبب في إني اتنقلت للمستشفى والدكاترة قالوا لازم أهتم بأكلي أكتر عشان الجنين ، الحاجة الوحيدة إللي كانت بتهوّن عليا إللي أنا فيه بنتي ، كنت أفضل أكلمها وأفضفضلها، متشوقة أوي لولادتها ولحضنها مابقاش ليا غيرها، لا عندي نت أعرف بيه أخبار أهلي ولا حتى تليفون أوصلهم بيه ، باعه زي باقي حاجتي ، لحد ما عمل مشكلة في الشغل بسبب عصبيته وطردوه ، دوّر على شغل تاني ومالقاش فاضطرينا نرجع مصر ، أهه نتبهدل في بلدنا أحسن من بهدلة في الغربة ، كنا قاعدين عند مامته في اسكندرية ، معرفش ليه كانت بتكرهني رغم إني عمري ما آذيتها ولا ضايقتها ، كل يوم تنيمني معيطة ، بس كل وجعي كان بيختفي ودموعي تتحول لضحكة مع كل خبطة من بنتي في بطني ، بحس خبطتها دي طبطبة بتقولي أنا هنا حاسه بيكِ وجنبك ، هي كانت أملي الوحيد في الحياة وخلاص باقي أقل من ٣ شهور وهتبقى في حضني لحد ما في يوم مامته استفزتني فاض بيا فرديت عليها وكانت النتيجة ضرب من غير رحمة وهي واقفة بتتفرج وتشجعه ، لحد ماحسيت بمغص شديد ، وقعت ع الأرض و بدأت انزف ، ماحستش بألم الضرب بس كنت خايفة من حاجة واحدة بس إن أملي الوحيد في الحياة يروح ، حطيت إيدي على بطني وهمستلها "أرجوكِ ماتتخليش عني إنتِ كمان وتسيبيني أنا محتجالك" ، بعدها ماحسيتش بأي حاجة تانية ، فتحت عيوني بوهن ، ماكنتش عارفة أنا فين بس سمعت صوت اتنين بيتكلموا فهمت من كلامهم إنهم ممرضات يبقى أنا أكيد في المستشفى، سمعتهم بيتكلموا :
_ ربنا نجاها من الموت لو اتأخروا دقيقة زيادة كان زمانهم بيعملوا تصريح الدفن
_ اه يا حبيبتي شكلها كده مضروبة من المنظر إللي كانت جاية بيه، صعبانة عليا أوي ربنا يلطف بيها بقى لمّا تصحى وتعرف المصيبة
أول ما سمعت آخر جملة ضغطت بوهن على بطني كالعادة عشان ترد عليا بخبطة بس المرة دي ماكنش فيه خبط ، المرة دي مش حاسه بوجودها !!!!


البارت الثالث


أول ما سمعت آخر جملة ضغطت بوهن على بطني كالعادة عشان ترد عليا بخبطة بس المرة دي ماكنش فيه خبط ، المرة دي مش حاسه بوجودها !!!!
حاولت أتكلم حسيت لساني تقيل، فضلت أحاول لحد ما خرجت مني صرخة، الممرضات جريوا عليا فضلت أصرخ " بنتي فيييين؟" شديت المحلول من إيديا ولما حاولت أقف وقعت ع الأرض ، جريت الممرضة سندتني فصرخت ف وشها " ابعدي عنيييي ، بنتي كانت أملي الوحيد ربنا ينتقم منهم بنتيييي" ماهديتش غير لما سمعتها بتقول " هتبقى كويسة إن شاء الله يا حبيبتي " يعني إيه؟ بنتي عايشة؟؟
عرّفوني إني ولدت بس البنت بتموت في الحضّانة والمصيبة إللي كانت تقصدها الممرضة هي إن جوزي سابني في المستشفى وهرب عشان مايحققوش معاه بسبب الحالة إللي جيت بيها ، الممرضة نصحتني لو أعرف حد يسلفني فلوس وأنقل البنت لمستشفى خاصة أو مكان فيه رعاية عشان المستشفى هنا إللي داخلها حي بيخرج منها ع القبر ، طلبت أشوف بنتي ، سندتني لحد عندها ، أول ما شوفتها انهرت، كنت عاوزه أخدها ف حضني عشان أنا إللي محتاجة لضمتها مش هي ، بقالي شهور مستحملة ومستنية حضنها ده بفارغ الصبر ، حجمها كان صغير أوي و جسمها مصبوغ بالأصفر والأزرق ، الممرضات بيقولوا إنها مش هتعيش بس أنا مش هقدر أقف أتفرج عليها وهي بتموت لازم أعمل حاجة ، مالقتش هدوم غير سيدال الصلاة إللي جابوني بيه وده غرقان بدمي، الممرضة سلفتني هدوم وفلوس وعدتها إني هردها لما أرجع من عند أهلي ، أيوه قررت أروح لأهلي، وصلت عند فرع شركة في اسكندرية أخويا الكبير كان ماسكه، دعيت ألاقيه موجود ، الأمن رفض يدخّلني ، ماصدقنيش لما قلت إني كاميليا بنت صاحب الشركة، لمحت ابن خالتي خارج من الباب فندهتله ، ماعرفنيش ولما قربت منه قبل ما أنطق قال بصدمة "مش ممكن كاميليا!!!!"
حكيتله وضع بنتي وكتر خيره ما سألش لا عن جوزي ولا عن أي تفاصيل تانية ، جه معايا المستشفى وخلّص كل إجراءات نقل البنت لأكبر مستشفى خاصة في اسكندرية ، دفع الحساب وكان بيجي كل يوم يتطمن علينا من غير ما يطول الكلام بينا لحد ما في يوم قعد وسألني :
_ فين جوزك يا كاميليا؟



ماردتش فقال :
_ بقالك أسبوع هنا ومالمحتهوش ولا حتى شفت حد من أهله ، كنت متردد اسأل بس وضعك وشكلك مطيّر النوم من عيني ، والكدمات إللي في وشك دي واجعة قلبي، هو بيمد إيديه عليكِ؟
_ ل لا لا خالص هو أصلاً مسافر و و أنا وقعت من ع السلم عشان عشان كده يعني ولدت ولادة مبكرة و ومعرفتش أتصرف، رحت أقابل أي حد من إخواتي بس مارضيوش يدخلوني ولقيتك إنت فلجأتلك وكعادتك شهم وجدع ماردتنيش
_ أردك ازاي!! إنت ناسية إنتِ بالنسبة ليا إيه؟ صحيح دلوقتي الحمد لله ربنا رزقني بزوجة بحبها وبحترمها جداً بس هتفضلي ليكِ مكانة في قلبي لو مش عشان إللي كنت حاسه زمان ناحيتك فعشان إنتِ بنت خالتي لحمي ودمي
ده كان آخر يوم لينا في المستشفى ، ربنا نجّا بنتي من الموت وأراد إن أملي في الحياة مايروحش علشان كده سمّيتها
" أمل" ابن خالتي اداني ورقة فيها رقمه و فلوس وقالي لو احتجت أي حاجة أكلمه..
مشيت وأنا مقررة ماكملش لحظة زيادة مع محمود ولا حتى عاوزه أشوفه ، كنت هأجر أوضه في فندق لحد ما أدبر أموري بس خفت المبلغ يخلص وماقدرش أصرف على بنتي ، افتكرت الممرضة إللي استلفت منها فلوس في المستشفى ورحت عشان أردهالها وأشكرها ويمكن تلاقيلي مكان لحد الصبح بس وبعدها هنزل القاهرة وأرجع لأهلي أعمل المستحيل عشان يقبلوني تاني ، وصلت المستشفى وقابلت الممرضة ، ردتلها فلوسها ولما طلبت منها توفرلي مكان ليلة كلمت أصحابها في السكن ووافقوا يستقبلوني ، قالتلي استناها بره لحد ما تمضي وتغير هدومها ، استنتها على كرسي في الاستقبال حاضنه أملي وأنا مش مصدقة إنها عايشة كويسة وطبيعية، فضلت أحمد ربنا على نجاتها لحد ما حسيت دمي بيغلي من الغضب وأنا شيفاه قدامي ، مش هنكر إني حسيت بالخوف منه و شديت ضمتي على بنتي ، قرب مني وركع جنب رجلي ، حاولت أقوم منعني ، قولتله كل إللي جوايا ، وصفتله قد إيه بقيت بكرهه و إني ندمانه عشان بعت أهلي بسبب واحد رخيص زيه ، الغريب إنه ماضربنيش رغم كل الكلام إللي قولته ، كان بيبكي ويبوس إيديا ويتحايل عليا عشان ماسبهوش ، قولتله إني خلاص مابقتش لا طايقة ألمح وشه ولا حتى أسمع صوته ولا مستعدة أعيش مع أمه تاني ، طلبت الطلاق فزاد بكاه وقالي إنه خلاص عرف غلطه وعشان كده هنعيش مع بعض في القاهرة ونربي بنتنا بعيد عن مامته وبعيد عن أي مشاكل ممكن تنغص علينا حياتنا تاني ، طلب مني فرصة تانية ووعدني بعد الفرصة دي هشوف إنسان تاني، شال البنت وفضل حاضنها وبيبكي بصيت لبنتي في حضنه وقررت أديله الفرصة دي عشانها يمكن فعلاً يتصلح حاله وتتربى البنت وسط أسرة مستقرة وماكنتش أعرف إن كان لازم أتمسك برأيي وأتطلق يومها عشانها...



روحنا القاهرة ، أجرنا شقة أوضة وصالة ، ومحمود حاول يثبتلي إنه فعلاً اتغير ، حياتنا استقرت شهرين ، خلالهم محمود لقى شغل بس طبعاً المرتب قليل جداً، اقترحت عليه أشتغل عشان أساعده ، في الأول رفض بعدين لمّا المصاريف زادت علينا وافق ، اشتغلت في حضانة قريبة من البيت وكنت باخد أمل معايا ، كإن ربنا بعتلي أمل عشان تهوّن عليا الأيام الصعبة إللي عشتها ولسه هعيشها ، الحياة بيني وبين محمود بقت جافة ، طول اليوم في الشركة إللي اشتغل فيها يجي يتغدا وينزل للشغل التاني وأنا برجع من شغلي أفضل أنا وأمل لوحدنا طول اليوم يرجع بالليل نكون نمنا ، أي حد هيشوفها حياة مملة وازاي زوجين مستحملين كده لكن بالنسبة ليا دي أحلى حياة، على الأقل مش بشوفه ، عايشة تفاصيل يومي أنا وبنتي وبس هعوز إيه أكتر من كده !!
كنت مقررة الطلاق بس مستنية الوقت المناسب ، مستنية أقدر أقف على رجلي وأصرف على بنتي ، عشان كده كنت شايله المبلغ إللي اداهولي ابن خالتي وبحوش عليه من مرتبي وأخبيهم ، لحد ما محمود اترقى في شغله ونقلنا لشقة أوسع قريبة من شغله وأنا قعدت في البيت واتفرّغت لتربية أمل ، رجع يبقى وجوده في البيت أكتر من الأول ورجعت الخناقات على أتفه الأسباب ، بقى لازم يوم في الأسبوع تحصل فيه خناقة كبيرة يا اتضرب فيها يا اتحبس في أوضتي من غير لا أكل ولا شرب ولا أمل!
كنت مستحملة عشانها وبصبّر نفسي إني جمعت مبلغ كويس وتنفيذ قرار الطلاق خلاص مسألة وقت ، لكن في يوم لقى الفلوس إللي مخبياها ، أخدها كلها وحبسني ، كإني عايشة في كابوس مش عارفة هيخلص امته ولا حتى عارفة أرجع أحوّش لإنه منعني من الخروج من البيت وبيديني المصروف بالعافية ويدوب بيكفي رغم إن مرتبه زاد ، وسط كل العك ده بدأت مامته زن ع الخلفة تاني عشان يجي الولد ، ولما رفضت اتخانق معايا فاضطريت في يوم وهو في الشغل أنزل اشتري حبوب منع حمل من الصيدلية إللي تحت البيت ، كنت باخده من وراه ، الأيام بتمر وأنا بدبل ، الحاجة الوحيدة الحلوة في ده كله هي أمل ، نفسي أعمل أي حاجة وأهرب بيها من المستنقع ده ، نفسي تتربّى في جو سوي وطبيعي، تتربّى بعيد عن الزعيق والخناقات والضرب ، نفسي تتربّى قوية زي ما كانت أمها زمان ...
وكالعادة عصبيته ضيعت كل حاجة ، اتطرد من الشركة ورجع يدور على شغل، أمل تعبت وماكنش معانا فلوس الكشف ، أخدناها مستشفى حكومي بس البنت لسه تعبانه والدوا مش جايب نتيجة ، افتكرت الورقة إللي متسجل فيها رقم ابن خالتي ، بعتله رسالة استلف منه فلوس على الأقل بس عشان أكشف على بنتي أو يمكن يحكي لأهلي عن حالي فيحنّوا ويرضوا عني ، بعت الرسالة، أخدت بنتي في حضني ونمت وصحيت على الصفعة بعد ما لقى الحبوب وشاف الرسالة وأهه قاعدة في الشارع لا عارفة أروح فين ولا أتصرف ازاي ولا عارفة أتطمن على بنتي ، افتكرت حياتي زمان كانت عاملة ازاي وقلت ياريت بابا يومها ضربني ألف ألم وحبسني في أوضتي ، ياريتني ما جريت ورا الأوهام ورخّصت نفسي، بس أنا استحق ، كان طبيعي بعد إللي عملته كل ده يحصلّي ، أنا بس مش عاوزة أي حاجة غير بنتي والبني آدم ده مستحيل أعيش معاه تاني ، حاولت أهدا عشان أعرف أفكر لحد ما لقيت الحل إللي هرجّع بيه بنتي وأتخلّص من أسره للأبد.....


البارت الرابع


مفيش قدامي غير الحل ده ، رجعت لجارتي واستلفت منها فلوس ، شاورت لتاكسي و ملّيته العنوان ، أول حد فكرت إنه ممكن يساعدني هو ابن خالتي بس أنا لا حافظه رقمه ولا عارفة عنوان بيته أنا حتى مش عارفة إذا كان هنا ولا في إسكندرية!
هغامر عشان بنتي ، هغامر عشان معنديش غير الحل ده أو الانتحار إللي كنت من شوية هنفذه ، وصلت عند البيت ، وقفت اتأمله من بره ، وقفت اتأمل الجنة إللي كنت عايشة فيها ، لمحت المكان إللي كان محمود مستني فيه ليلة ما هربت معاه واتمنيت لو الزمن يرجع بيا للحظة دي أمحيها لإنها كانت بداية اللعنة ، قربت من البوابة بقدم رجل وبأخر التانية ، أول ما وصلت عندها لقيت واحد من الأمن جاي عليا، أول مرة أشوفه غالباً عينوا ناس جديدة، كان ماسك في إيديه روي إللي أول ما لمحني فلت من إيديه وجري عليا ، الراجل كان متفاجيء وخايف الكلب يإذيني ومايعرفش إنه بيجري يحضني وأنا دلوقتي في أمس الحاجة لأي حضن ، عمره ما هيإذيني عشان الكلاب رحيمة ووفية عكس البشر إللي مفيش في قلبهم رحمة ، حضنت روي وبكيت، خرج على الصوت عم محمد الأمن إللي من يوم ما اتولدت ما تغيرش ، ماعرفنيش من بعيد بس أول ما قرب مننا اتفاجيء وقال بفرحة " ده الدنيا كلها نورت يا ست كاميليا " وقفت وروي لسه حاضن رجلي ، سلمت عليه وسألت :
_ ازيك يا عمو؟
_ دلوقتي بس بشوفتك بقيت بخير يا ست البنات
ياااااه ست البنات؟! اد إيه الكلمة دي كانت وحشاني! ابتسمت وسألت :
_ هو معتز هنا؟
_ دلوقتي مفيش حد في البيت
استغربت وسألت :
_ ليه فيه حاجة؟!
_ لا مفيش حاجة، الباشا عنده شغل بره مصر وخد معاه الست هانم و أمجد بيه معرفش تعرفي ولا لا بس هو خلاص نقل حياته كلها لاسكندرية و أحمد بيه ومعتز بيه لسه مارجعوش البيت
_ طيب ممكن تكلملي معتز وتقوله يجي البيت ضروري من غير ماتقول إن أنا إللي مستنياه؟
_ حالاً يا ست كاميليا بس ادخلي استني جوه
_ لا أنا هستنى هنا أحسن
_ ودي تيجي برده! والله ما يحصل أبداً ، ادخلي يا ست البنات
حسّاه عاوز يقول حاجة وهو بيبصلي ، عاوز يسأل عن منظر وشي المتشوه من الضرب بس مكسوف ومتردد، ابتسمتله وقلت :
_ ماتقلقش أنا كويسة



_ الله يجعلك دايماً بخير وكويسة ، ادخلي وأنا هتصل بمعتز بيه حالاً
بمجرد ما رجلي خطت الجنينة حسيت بدفا غريب ، كنت شايفة طيفي بيجري ويلعب في كل مكان فيها ، سامعة صوت ضحكي ، دخلت البيت واحساس الدفا زاد لدرجة بكّتني ، عرفت دلوقتي قيمة تصميم بابا على إننا نفطر ونتغدا ونتعشى كلنا سوا ، عرفت قيمة اللمة إللي كانت زمان بتخنقني ، عرفت قيمة كل أمر كان بيوجهه وبتضايق من جوايا منه، دلوقتي نفسي بس أرجع أسمع صوته ، أترمي في حضنه هو وأمي ، أوضتي كانت وحشاني ، لقتني بطلع وأنا مرعوبة يكونوا خدوها أو رموا حاجتي ونسيوني ، فتحت الباب واتفاجئت ، كل حاجة زي ما هي ، حتى هدومي إللي كنت مغيراها يوم ما مشيت ومعلقاها زي ما هي كإني سيبت الأوضه امبارح ، فتحت دولابي وشفت فساتيني وهدومي ، بكيت بحسرة وأنا بلوم نفسي على إللي عملته فيها ، شفت صوري وأنا صغيره محطوطه على مكتبي وقلبي وجعني على بنتي ، يا ترى هي كويسة دلوقتي؟ فضلت ادعي ربنا يطمن قلبي عليها ومعتز مايردنيش ، هو أملي الوحيد دلوقتي في رجوع بنتي وطلاقي ، سمعت صوت أحمد ومعتز تحت ، مسحت دموعي وخرجت من الأوضه ، وقفت عند أول سلمة ومش قادرة أنزل ، اخواتي وقفوا ساكتين من الصدمة ، نزلت بهدوء ووقفت عندهم مش عارفة أنطق كل ما أحاول اتكلم لساني يتعقد ، ببصلهم برجاء وعيني بتلمع ، أحمد بصلي بغضب وسابني ومشي ، أما معتز من غير كلام لقيته بيشدني لحضنه فبكيت بحرقة ، شد ضمّته عليا وسأل :
_ هو إللي عمل في وشك كده؟
ماردتش من كتر البكا فقال بغضب :
_ والله لاندمه على كل لحظة فكر يمد إيديه عليكِ فيها
_ياااااه ده انت على كده بقى هتندمه باقي عمره ومش هيكفي لإني من يوم ما مشيت من هنا وأنا بتهان وأتضرب مش عاوزه حقي خلاص بس أنا عاوزه بنتي وعاوزه أتطلق منه مش عاوزه أكتر من كده عارفة إني غلطت والله والله خلاص اتعلمت الدرس عشان خاطري ما تردنيش أنا قبل ما أجيلك كنت هنتحر بس عقلت في آخر لحظة عشان بنتي مش هقدر أسيبها مع أب قاسي زيه عشان خاطري ما تتخلاش عني يا معتز أنا محتجالك
باس راسي وحضنّي وهو بيقول :



_ ماتقلقيش يا حبيبتي بنتك هترجع لحضنك وإنتِ هترجعي تنوري بيتك من تاني
_ بعد مقابلة أحمد ليا مافتكرش هيكونلي مكان هنا خصوصاً لما بابا يرجع ، أنا مش هتقل عليكم أنا بس عوزاك تجيبلي بنتي وتطلقني وأنا بعد كده إن شاء الله هدبر كل حاجة في حياتي بس ساعدني
_ حاضر ، اكتبيلي كل معلومة عنه وعن أهله وعناوينهم حالاً وسيبي الباقي عليا
كتبتله كل حاجة طلبها، وحكيتله بالتفصيل كل حاجة مريت بيها من يوم ما مشيت من بيتنا ، قالي أطلع أرتاح في أوضتي ، كنت تعبانة أوي ونفسي أنام بس عيني مش قادرة تغمض وبنتي مش في حضني ، فضلت قاعدة في الأوضة مستنية أي خبر منه لحد ما عيني غفلت غصب عنّي ، صحيت لمّا حسيت بحد بيدخل الأوضه ، ولمّا لمحت أحمد عملت نفسي نايمه ، قرّب باس راسي وخرج ، فابتسمت وانتبهت من النور إللي في الشباك إن النهار طلع ، قعدت ع السرير واتفاجئت بصينية الفطار محطوطة في أوضتي ، قمت ولسه الابتسامة على وشي لحد ما لمحته في المراية واختفت ابتسامتي ، هو أنا بقيت دبلانه كده امته؟ كإنّي اتبدلت بإنسانة تانية، في كل لحظة بلمح فيها وشي بندم على غبائي إللي وصّلني لكده ..
سمعت خبط ع الباب فأذنت ل إللي بيخبط بالدخول ، دخلت الشغالة وناولتني موبايل وهي بتبلغني إن معتز عاوزني، رديت بلهفة فقال :
_ غيري هدومك واستعدي عشان هبعتلك عربية تجيبك عندي هنا
_ عندك فين؟
_ هتعرفي لمّا تيجي ، يلا عشان العربية في الطريق
فتحت دولابي واخترت فستان وحجاب ، صحيح الهدوم بقت واسعة عليا جداً بس برده كان شكلي أنيق ، العربية وصلت ، بصيت على نفسي في المراية وابتسمت ، بدأت ملامح كاميليا القديمة تظهر، عمرها ما هترجع زي زمان بالكامل بس على الأقل اهه جزء منها لسه عايش...
العربية وقفت عند القسم ، كنت مستغربة لحد ما لقيت معتز منتظرني ، حاوط كتفي بدراعه ودخلنا وأنا مش فاهمة حاجة ، طلعنا الدور التاني وحسيت قلبي هيقف من الفرحة؛ أمه كانت واقفة وشايله أمل ، جريت عليهم و شديت بنتي لحضني ، كنت ببوس كل حته فيها وبردد " الحمدلله، الحمدلله" لقيت أمه بتبكي وعاوزه تبوس ايديا وهي بتقول :
_ أبوس إيديكِ قوليله يطلّع ابني مايخلصكيش أبو بنتك يتحبس ولا ست كبيرة زي أمك تتحايل عليكم كده
ماكنتش فاهمة حاجة، بصيت لمعتز فشدني بعيد عنها وقال :
_ عمرك ما هتبقي زي أمها ، صعبان عليكِ ابنك ولا انك بتتحايلي عليها؟ ما هي ياما اتحايلت عليكِ ترحميها ، كنتِ ربّي ابنك الأول عشان ماتتحطيش في الموقف ده ، يلا يا كاميليا ادخلي معايا
خبّط على باب مكتب ودخلنا ، سلّم ع الظابط إللي كان قاعد ، دقيقة وكان محمود واقف قصادي مكسور ،وواضح إنّه مضروب من الكدمات إللي في وشه ، بعدها دخل المأذون، بصيت لمعتز بفرحة فابتسملي وربت على إيديا ، وبنفس الإبهام إللي بصمت بيه على ميثاق المهانة والذل والأسر بصمت على عقد الخلاص والحرية ، أخيراً خلصت منه وبنتي في حضني!



وقفنا عشان نمشي فطلبت من معتز يستنى ، ادتله بنتي ورجعت لمحمود ، بصّلي باستعطاف فرفعت كفّي وصفعته بكل قوتي ، الصفعة دي ماكنتش عارفة عشان الخذلان بعد ما بعت أهلي عشانه ، ولا على كل لحظة ذل وضرب وإهانة وقرف خلّاني أعيشهم؟
مش مهم عشان إيه المهم إنها شفت غليلي ، مشيت مرفوعة الراس جنب أخويا ، وبعد ما خرجنا طلبت منه يخرجه بس عشان بنتي شايله اسمه فقالي إنه هيخرجه بس بيأدبه شوية عشان يتربّى التربية إللي أهله ماعرفوش يربُّوها...
ركبت مع أخويا العربية ، كشفنا على أمل والحمدلله الدكتور طمّنا ، رجعت بيت أهلي والفرحة مش سيعاني ، أول ما دخلت سجدت شكر لله على النجاة ، دلوقتي نفسي اتفتحت ع الأكل و أقدر أنام براحتي ما خلاص اتحررت و أملي في حضني ، أحمد كان كل يوم يدخل يبوس راسي ويمشي وببقى عامله نفسي نايمة ، في مرة من المرات باس راسي وراس أمل، حط أكياس على مكتبي وخرج ، فتحتها ولقيت هدوم وألعاب لأمل ، وتاني يوم لما جه يكرر عادة كل صبح فتحت عيوني، ارتبك وكان هيخرج فقمت وحضنته عافيه ، أنا حافظه أحمد طول عمره مابيعرفش يبين مشاعره لسه زي ما هو ماتغيرش ، كان رافع ايديه ومتردد وفي النهاية حسم تردده ، حضنّي وهو بيقول " أهلاً بيكِ في بيتك إنتِ و أمل"..
مر أسبوع واحنا في بيت أهلي ، أمل صحتها اتحسنت وأنا كمان اتحسنت جسدياً ونفسياً كإني اتردت فيا الروح ، وفي يوم كنا بنفطر أنا وأحمد ومعتز فجأة سمعت صوته ، قلبي ارتجف ماكنتش رجفة خوف ، كانت رجفة لهفة ، كان نفسي أجري على حضنه هو وماما واستقبلهم بفرحة زي كل مرة بيرجعوا فيها من السفر بس لقتني واقفة متسمرة في مكاني ببصلهم وهم واقفين مصدومين زي المجرم إللي مستني الحكم يا براءة يا إعدام ونظرات بابا إللي بعد الصدمة ماكنتش مبشرة بالمرة!


البارت الخامس


لقتني واقفة متسمرة في مكاني ببصلهم وهم واقفين مصدومين زي المجرم إللي مستني الحكم يا براءة يا إعدام، أنا واثقة إن أول نظرة قريتها في عيون بابا هي اللهفة بس فجأة اتحولت لغضب وقال :
_ دي بتعمل إيه في بيتي؟!
معتز حاول يشرح بس سكّته :
_ وإنتوا ليكوا حساب تاني بعدين ، أنا كلمتي ما تتكسرش، اتفضلي ارجعي من مطرح ما جيتِ
مادنيش فرصة أنطق ، نطق الحكم وسابنا ومشي ، ماما كانت واقفة مترددة بتبص عليا وعلى أثر بابا وهو بيختفي من المكان وفي النهاية الأمومة إللي غلبت فتحت إيديها فجريت على حضنها، فضلت ضمّاني بلهفة ، بكيت فمسحت دموعي وقالت :
_ ماتزعليش من بابا جرحك ليه كان أكبر من إنه يتحمله، اديله وقت وهيهدا إن شاء الله ويسامح
بصت لمعتز وقالت :
_ خد مفتاح شقة المعادي ووديها تقعد هناك لحد ما بابا يهدا وأنا هطلع أشوفه
طلعت أوضتي جهزت شنطة هدومي وهدوم أمل ، كان نفسي أوريها لبابا يمكن قلبه يحن بس ماحبتش يحس إني بضغط عليه بيها ، كانت لسه نايمة، صحيت وأنا بغيرلها وعلى غير عادة البكا كل مرة بصحيها فيها لقتها هادية وبتضحكلي كإنها بتحاول تواسيني ، ابتسمتلها وحضنتها والحقيقة إني زي كل مرة وقتها كنت أنا إللي بترمي في حضنها ، أخدت بنتي ومشيت من البيت ، معتز وصلنا للشقة ، و لإن ماما دايماً بتبعت الشغالة تنضف الشقة حتى لو مش قاعدين فيها لقيتها الحمدلله نضيفة ، معتز حط الشنط ونزل اشترالنا كل لوازم المطبخ والحاجات الناقصة من البيت ، مشي معتز بعد ما اتعشى معانا ، نيمت أمل وقعدت جنبها أفكر في الخطوة الجاية في حياتي ، بابا معذور مش زعلانة من رد فعله أنا فهماه كويس أوي ، هو مش عاوزني أرجعله مكسورة ، زي ما خرجت من البيت قوية وبختار طريقي بإرادتي عاوزني أرجع للبيت بنفس القوة مش مكسورة ومُجبرة!
وأنا قررت أثبتله إني قوية وماتكسرتش رغم كل إللي مريت بيه ، جبت ورقة وقلم وكتبت قايمة بكل الحاجات إللي محتاجة اتعلمها بعد ما كنت منعزلة عن العالم الفترة إللي فاتت كلها ، وبالفعل بدأت في نفس الليلة أدور ع النت على أماكن لكل كورس قررت أتعلمه وأولهم إني اشتركت في كورس إعادة تأهيل نفسي وكمان كورس في تربية الأطفال عشان أعرف أربي أمل صح وأحميها من الأخطاء إللي وقعت فيها ، وكورس في مجال دراستي عشان هدفي الأساسي من دخول إعلام هو تحقيق حلمي إللي اتخليت عنه وهو إني أبقى مذيعة راديو ، حجزت في الكورسات دي أون لاين عشان العدة وعشان أمل مش هكون متطمنة أسيبها مع أي حد ، استغليت فترة العدة في قراية الكتب وحضور الكورسات أون لاين ، ماما كانت بتيجي تقعد معايا ، واخواتي بيمروا عليا من وقت للتاني ، اتعلقوا بأمل جداً وخصوصاً ماما ، اليوم إللي ماتقدرش تزورنا فيه لازم تكلمني فيديو عشان تشوفها ، كنت بتطمن على بابا وعلى صحته من ماما ، وبفرح أوي لما ماما تقولي من وراه إنه بيسأل عني دايماً وبيتفرج على كل صور أمل إللي ببعتهالها ، ده غير إن الفلوس إللي ماما بتديهالي منه بس بينبه عليها ماتعرّفنيش ، عرفت كمان منها إنه مبسوط بشخصيتي الجديدة بس لسه زعلان مني ومش قادر يصفالي ، وأنا عذراه وهديله وقته عشان يقدر ينسى إللي عملته فيه..



خرجت من فترة العدة كاميليا جديدة ، كاميليا أجمل وأنضج من بتاعة زمان ، قدمت في الراديو ، عملت اختبارات الصوت ، قعدت مع مدير المحطة وحاولت أقنعه بفكرة البرنامج بتاعي بس قالي إني هحتاج ممول، وأول ما قالي هنتصل بيكِ عرفت إنهم مش هيردّوا ، روحت البيت محبطة ، كنت محتاجة لحضن أمل إللي سيبتها مع ماما ، ولإن ده ميعاد بابا بيكون فيه في الشغل قررت أروح البيت أخدها بدل ما استنى ماما تجبهالي ، روحت البيت متضايقة بس أول ما دخلت من الباب وسمعت صوت ضحكة أمل وبابا اتفاجئت ونسيت الضيق والتعب، دخلت بهدوء ولقيته بيلاعبها ويضمها لحضنه بحنان وماما بتتخانق معاه عشان عاوزه تحضنها شوية ، أول ما دخلت اختفت ضحكته ، ناول أمل لماما وقام على مكتبه ، دخلت وراه فعمل نفسه مشغول ، رفض حتى يبصلي ، قولتله :
_ أنا عارفة إن إللي عملته مش قليل واستحق عليه العقاب بس أنا اتعاقبت بما فيه الكفاية يا بابا، الحياة عاقبتني وعرفت إنك كنت صح من الأول، ندمت على كل لحظة عاندت فيها وماسمعتش كلامك ، أنا عشت فترة عذاب عمري ما تخيلت إني ممكن أعيشها ورغم كده استحملت لكن مش قادرة أستحمل تفضل مقاطعني كده وتحرمني حتى من نظرة! عشان خاطري وخاطر أمل يا بابا كفاية عقاب
فضل عامل نفسه مشغول ومش باصصلي فزاد إحباطي وقررت ماضغطش عليه أكتر من كده ، وقبل ما أخرج ندهلي ، الأمل دب في قلبي ، التفت بلهفة فقال :
_ إنتِ كسرتيني ودي مش قادر أسامحك عليها يمكن الأيام تقدر تنسيني خصوصاً لمّا أشوفك بتتعلمي من أخطاءك ، ياريت تاخدي السواق تجيبي حاجتك من الشقة وترجعي أوضتك
ضحكت بفرحة فقال وهو بيتصنع الضيق :
_ وده مش عشانك ، عشان أمل أنا ببقى مبسوط في الساعة إللي بقضيها معاها لما تسيبيها هنا حابب أبقى مبسوط طول الوقت وأنا شايفها
كان نفسي في اللحظة دي أترمي في حضنه بس ضيع عليا الفرصة بخروجة من الأوضة كإنه هو كمان نفسه يضمني وخاف يضعف فهرب ، روحت مع السواق جبت حاجتي من الشقة واستقرينا في أوضتي ، البيت زادت بهجته بضحكة أمل ، بابا اتعلق بيها أكتر وبقى أوقات ياخدها تنام في حضنه بالليل، وهي كمان اتعلقت بيه ، ماما بتقولي إن بابا من يوم ما مشيت ماشافتهوش ولا مرة بيضحك غير اليومين دول بعد ما رجعت ومعايا أمل ، في مرة كنت قاعدة مع ماما ولقيت موبايلي بيرن برقم غريب ، ولما رديت اتفاجئت إنه مدير المحطة قالي إنه لقى ممول للبرنامج بتاعي وأقدر ابدأ من بكرة ، ماكنتش مصدقة ، معقوله هحقق حلمي! فضلت طول الليل بجهز تفاصيل البرنامج والحلقات وأتدرب عليها ، رحت تاني يوم واتفاجئت لما عرفت مين الممول للبرنامج ، أنا حكيت لماما وأكيد طبعاً قالت لبابا فقرر يدعمني ، كنت زمان بتضايق من أي تدخل منه أو حتى إن حد يخلصلي مصلحة لمجرد ذكر اسمه ، دلوقتي لقتني مبسوطة أوي وفخورة بيه وباسمه إللي شيلاه ، ومبسوطة بدعمه ليا ، وأخيراً قعدت قدام المايك ووصلت للحظة إللي كنت بحلم بيها وبعد دخول محمود في حياتي كنت فكراها بقت مستحيلة ، حسيت برهبة ، بس ماما شاورتلي من بره ومعاها أمل ، فاتطمنت بوجودهم ، وانطلقت أول حلقة من برنامج " أمل حوّا "، الحلقة الأولى نجحت والبرنامج انتشر بشكل ماكنتش متخيلاه ، وبعد كام حلقة حقق البرنامج نجاح كبير وبقاله متابعين ، يمكن لإن كل حوّا في المجتمع محتاجة لأمل أو يمكن لقوا نفسهم في كل كلمة قلتها لإني قولتها من واقع تجربة ، قولتها بعد ما عشت في الأماكن إللي عاشوا فيها ودقت من المرار إللي داقوه ، ويمكن لإنه بيقولهم لسه بعد كل إللي مريتوا بيه فيه أمل في الحياة...
بدأت أحوِّل كل محنة وابتلاء مر في حياتي لمنحة فمثلاً لو ماكنتش مريت بتجربتي القاسية دي ماكنتش أمل إللي بقت كل حياتي دلوقتي هتبقى موجودة وماكنتش هقدر أحقق حلمي بالنجاح ده ، ولا كنت هبقى بالنضج ده أو حتى أتحمل المسئولية..
حياتي اتغيرت ١٨٠ درجة ، لحد ما معتز خطب وفي يوم خطوبته ماكنتش أعرف إن القدر مخبّيلي مفاجآت...


البارت السادس والاخير


يوم خطوبة معتز كنت فرحانة أوي ، ولإنهم كانوا جيرانّا فعملنا الخطوبة في جنينة بيتنا عشان أوسع ، حسيت يومها كإني ماعشتش لحظة وجع في حياتي ، لبست فستان رقيق وبسيط وفستان شبهه بالظبط لبسته لأمل إللي سرقت قلوب كل إللي في البيت وبقت هي خلاص برنسيسة قلب بابا وماما ، حتى في الخطوبة بابا شايلها مش راضي يسيبها وبيعرّفها بكل حد يقابله بفرحة ، ماما بتقولي إنه كان عامل كده لما ربنا رزقه بيا ، لمحت نظرة الإعجاب بيا وبمظهري في عيون كل الموجودين زي ما كان بيحصل زمان ، للحظة حسيت نفسي بحلم ، هو بجد الكابوس إللي عشته انتهى خلاص وبقيت حرة!!
لمحت مكاني المفضل في الجنينة ، رحت عليه وقعدت في هدوء ، افتكرت زمان لمّا كنت أبقى عاوزه أهرب من الزحمة والدوشة استخبّى فيه ، قعدت ع الأرض ومعايا طبق فيه كيك فانيليا ، كنت سرحانه في السما ومستمتعة بالهدوء لحد ما سمعت صوت غريب فزعني بيقول :
_ لسه زي ما إنتِ بتفضّلي الفانيليا عن الشوكولاته
التفتت ولقيت شاب واقف وبيتكلم بثقة كإنه يعرفني كويس أوي ، وقفت وسألته بحذر :
_ هو حضرتك تعرفني؟!
ضحك وبعدين قال :
_ أوعدك لمّا أكبر وأبقى مذيعة مشهورة هستضيفك في البرنامج بتاعي لما تبقى طيّار، فين بقى وعدك يا ست المذيعة؟!
بصتله بصدمة واختفت ملامح الليل والجنينة من حوليا ، شفت جنينة بيتنا القديم وأنا قاعدة مع ابن الجيران ، كنّا بنعمل طيّارة ورق ، وقالي يومها لمّا أكبر هبقى طيّار وهخليكِ تركبي معايا الطيّارة بتاعتي بس هتبقى بجد مش ورق ، فاكره إني يومها رديت عليه " وأنا هبقى مذيعة مشهورة وأوعدك هستضيفك في البرنامج بتاعي لمّا تبقى طيّار" ، لمعت عيوني ولقتني بضحك بفرحة ، عصام جارنا في البيت القديم أنا وهو كنّا صحاب أوي في طفولتنا لحد ما سافروا بره مصر واحنا عزّلنا وبعدها اختفى من حياتي ودي أول مرة أشوفه من سنين ، قلت بفرحة طفولية :
_ ازيك يا عصام؟
_ والله كنت خايف تكوني ناسية اسمي
_ لا ما تقلقش لسه الحمد لله الذاكرة سليمة
_ أول ما سمعت اسمك في الراديو فرحت أوي واتمنيت تكون إنتِ فعلاً وحققتِ حلمك لحد ما اتأكدت وفرحت أكتر
_ إنت فين دلوقتي؟
_ استقريت في مصر من زمان ومش إنتِ بس إللي بتحققي حلمك على فكرة أنا كمان حققت حلمي ولسه عند وعدي ها تحبي تركبي الطيّارة امته؟
ضحكت بعدين رديت :
_ مبسوطة عشانك جداً
_ طبعاً بتقولي أنا بعمل إيه هنا؟ العروسة تبقى بنت خالتي
_ إيه ده يعني تانت هنا؟
_ أه قاعده مع مامتك بره
_ هروح أسلم عليها
سبته ومشيت خطوتين فنده وسأل :
_ كاميليا ، مبسوط أوي إني شوفتك هنتقابل تاني امته؟
ابتسمت وقلت :
_ بلاش نرتبلها خليها قدراً كده زي انهارده
تاني يوم في الحلقة اتصل عصام على الهوا وناقشني في موضوع الحلقة ومن بعدها بقى متابع دائم للبرنامج بتاعي، بقى اتصاله فقرة أساسية في كل حلقة ، كنت ببقى مبسوطة باتصاله ، ماحاولش يقابلني أو يقتحم حياتي ، اكتفى إنه يتابع من بعيد لحد ما اتقابلنا تاني بعد شهور في فرح معتز ، استغربت نفسي إني كنت مستنياه وحاسه إني عاوزه أشوفه معرفش هل حنين لطفولتي ولّا عصام بدأ يدخل قلبي من غير استئذان؟!
طول الفرح عينيا بتدوّر عليه في المكان ، أهله وصلوا فسلمت عليهم واستنيت دخوله بس مادخلش !! معرفش ليه حسيت بالإحباط وكنت خلاص هسأل مامته عنه بس وقّفت نفسي عند حدّها ، أخدت أمل من بابا شوية وقعدت في مكاني المفضل بتكلم معاها، عارفة إنها مش فاهمة حاجة من كلامي بس بحسها بتسمعني بانتباه وبرتاح بعد كلامي معاها ، كنت متضايقة من نفسي أوي ، ما أنا خلاص كنت مقررة مافتحش قلبي من تاني إيه إللي بيحصلي دلوقتي؟!


وقبل ما أجاوب نفسي على السؤال سمعت صوته :
_ كنت هزعل أوي لو الرحلة اتأخرت أكتر وماقدرتش أشوفك
غصب عني ابتسمت ووقفت بلهفة وقلت :
_ حمدلله ع السلامة
_ الله يسلمك
بص لأمل وقال :
_ مين القمر دي؟
_ أمل بنتي
اختفت ابتسامته واتغيرت ملامحه وهو بيسأل :
_ إنتِ متجوزة؟!!
_ لا لا أنا اتطلقت الحمد لله من أكتر من سنة تقريباً بس أمل أحلى حاجة حصلت في الموضوع ده كله
ظهر الارتياح على ملامحه ورجعت ابتسامته من تاني وهو بيشيلها مني ويلاعبها بعدين بصلي وسأل :
_ وباباها فين دلوقتي؟
_ معرفش أي حاجة عنه، اممممم تقدر تقول كده خرج من حياتنا أنا و أملي بلا رجعة
أمل كانت بتشاكسة ففضل يلعب معاها بعدين قعدنا شوية نسترجع ذكريات الطفولة ، الكلام أخدنا واستوعبت إننا سيبنا الفرح وغيبنا في عالم تاني مع نفسنا في ركني المفضل ، أخدت أمل منه واستأذنت ومشيت، بعدها كان بيبعتلي كل فترة يتطمن عليا ع الفيس بوك ومازال متابع البرنامج، من غير ما أحس دخل حياتي وملاها حتى وإن كان ماصرحش بأي مشاعر بس كفاية وجوده ، لحد ما في يوم دخلت ماما أوضتي وقالتلي إن فيه عريس من أسرة كويسة شافني في فرح معتز و طلب إيدي من بابا وهيجي زيارة هو وأهله بكره ، اتفاجئت وماكنتش عاوزه اتكلم في الموضوع ، اتحججت إني بجهز للحلقة بس الحقيقة ماكنتش عارفة أعمل إيه ، مش عاوزه أزعّل بابا مني تاني بس في نفس الوقت فيه مشاعر ناحية عصام ، لقيته باعتلي رسالة فرديت ، سأل :
_ إنتِ كويسة؟
_ أه بس يمكن مرتبكة شوية
_ ليه؟!
معرفش ليه قلت كده! بس حسيت إني عاوزه أحكيله وأشوف رد فعله إيه ، بعتله :
_ في عريس اتقدملي وجاي زيارة بكرة هو وأهله
_ ورأيك إيه؟
_ معرفش!! أنا معرفش أي حاجة عنه بس حاسه إني مرتبكة وخلاص
كان بيكتب ويمسح وأنا مستنية بلهفة لحد ما أحبطني برده :
_كويس ربنا يوفقك ويسعدك
كنت حاسه إني عاوزه أدخله من الشاشة أخبطه في وشه ، ماردتش عليه وقفلت وأنا في قمة غضبي، كنت محتاجة لحضن أمل أوي وبابا واخدها تنام معاه ، روحت أخدها من جنبه لقيته صاحي فاعتذرت وقبل ما أخرج سأل :
_ مامتك قالتلك على الناس إللي جايين بكرة؟
_ أيوه يا بابا
_ و رأيك إيه؟؟
بصيت في الأرض وقلت بهدوء :
_ إللي حضرتك تشوفه يا بابا ، تصبح على خير
رجعت أوضتي وحاولت طول الليل أنام بس مفيش فايدة النوم مجافيني ، فضلت أتقلب في السرير لحد الصبح، قررت المرة دي ما اخذلش بابا هنفذ كل إللي يقولي عليه من غير إعتراض ومش هفكر في عصام تاني ، مش هبص في مراية الحب العامية تاني، قمت جهزت إللي هلبسه وكل ما الميعاد يقرب التوتر يزيد ، لحد ما الناس وصلوا ، استعديت ولمّا قربت من السلم اتفاجئت وأنا سامعه صوته ، معقولة أكون بتوهم؟!
بصيت عليهم وأنا متدارية ولقيته ، عصام وأهله قاعدين تحت، مش عارفه استوعب هم جايين زيارة لمراة معتز ولا عصام هو العريس!!



ولقيت الإجابة من مراة معتز ، خرجت من أوضتها وقالتلي :
_ أهلاً بعروستنا القمر ، طول عمري بثق في ذوق عصام وانهارده أثبتلي ده ، ربنا يتمم بالخير
كنت بصالها والدهشة آسرة ملامحي يعني هو فعلاً عصام العريس؟ ازاي! طاب ليه ماقاليش وحسسني إنه مش هامه؟!
نزلت مع معتز ، سلمت عليهم ووقفت عنده لا اتكلمت ولا هو كمان كفاية العيون سلمت ، فضلوا كل العيلة يتكلموا ويفتكروا أيام زمان وبعدين معتز قالي أنا وعصام تعالوا نقعد في الجنينة شوية ، قعدنا بره وبعدين قام وقعد بعيد عننا شوية ، فضلنا ساكتين ومرتبكين وكإننا مانعرفش بعض!
لحد ما سألت بعتاب :
_ إنت ليه ماقولتليش وحسستني إن مش هامك ؟
ابتسم وجاوب :
_ لما قولتيلي فهمت من كلامك إن مامتك ماقالتش مين العريس فحبيت أعملهالك مفاجأة أما بقى ليه ماقولتش فلإن الرجالة المفروض في قاموسهم كلمة بحبك بتترجم لهاتي رقم والدك وبما إني عارف الرقم والعنوان كمان ماسألتكيش بس
ابتسمت وسألت :
_ ليه أنا يا عصام؟ يعني إنت كان قدامك بنات ظروفهم أنسب مني كمان!
_ أممم لو تقصدي بظروفهم دي موضوع طلاقك ف فين المشكلة؟! مريتِ بتجربة وانتهت هل خرجتِ ناقصة إيد ولا رجل؟! أما بقى ليه إنتِ فمش عارف صراحة هو إنتِ خطفتِ قلبي من غير ما أحس ولا آخد بالي إنك خطفتيه ولما أخدت بالي على طول كلمت باباكِ
_ وأمل؟
_ أمل دي روحي ، عارف إنك قلقانه عليها مش هقولك إني هبقى سوبر بابا لإني لسه معرفش يعني إيه أبوه بس هسيب أمل تعلمني المعنى ده
فضلت اسأل وكل ما يجاوب يبهرني بيه أكتر ، اتخطبنا شهرين وبعدهم على طول اتجوزنا، يوم فرحي أحلى حاجة فيه بابا ، عمري ما هنسى دموع الفرح إللي كانت في عيونه وحضنه ليا ، كإنه بحضنه بيقولي خلاص مسامحك ، معرفش ازاي كنت غبية وضيعت اللحظة الحلوة دي!
حمدت ربنا إني اخدت في الحياة فرصة تانية عشان أصلح أخطائي ، مع عصام كنت حاسه روحي كل يوم بتتجدد ، كإني ماتجوزتش قبل كده ولا دوقت طعم الحب، اكتشفت إن إللي عشته ٥ سنين مع محمود عمره ما كان حب ، عصام علمني يعني إيه حب بجد، حتى أمل مع الوقت بقى أب ليها بشكل أبوها الحقيقي مقدرش يقدمهولها، كل يوم بحمد ربنا على نعمة الفرصة التانية....
حكيت حكايتي عشان أقول لكل حوّا ماتغلطيش غلطتي ، يمكن أنا حكايتي كان فيها فرصة تانية لكن مش دايماً الفرصة دي هتكون متاحة ، مهما كنتِ شايفه أهلك ظالمينك ورافضين شخص إنتِ حباه إوعي تغلطي وتعانديهم إنتِ بتبقي شايفه تحت رجلك بس لكن هم شايفين الصورة كاملة من بره ومش عاوزين غير مصلحتك ، افتكري الجملة إللي قلهالي عصام كويس
"الرجالة المفروض في قاموسهم كلمة بحبك بتترجم لهاتي رقم والدك "....


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-