قصة و عبرة الخطة البديلة
وجهت القناة المحلية في شيكاغو بأمريكا عام 1978 الدعوة للشابة سوز أورمان.. للحديث عن نادي المتطوعين الذي أسسته مع زملائها في الولاية لتدريس الأطفال الرياضيات مجاناً في عطلة نهاية الأسبوع..
لبست أورمان أجمل ملابسها التي تحتفظ بها في خزانة الملابس.. إستعدت جيداً للمقابلة.. أجرت معها صديقتها عدة لقاءات تجريبية حتى تظهر بشكل جيد في ظهورها التلفزيوني الأول..
حظيت أورمان بتصفيق رفيقتها إثر أدائها المبكر في البروفات.. ذهبت أورمان إلى مقر القناة وهي تثق تماماً بإنتزاعها إعجاب الجمهور والمتابعين على حد سواء.. إستقبلها أمام باب المبنى رجل أمن طلب منها أسمها ليطابقه مع أسماء ضيوف القناة في القائمة التي أمامه.. فور أن وجده طلب منها الدخول وتحديداً التوجه إلى غرفه الإنتظار..
وصلت إلى الغرفة وقرأت عبارة : ( مرحباً بك إخدم نفسك وحضّر القهوة لك إذا أردت )..
قامت بتحضير القهوة لنفسها.. وقبل أن تكمل قهوتها دخل عليها معد البرنامج ورحب بها وسألها أن تنتقل معه إلى الإستوديو للإستعداد للقاء المباشر..
وأثناء وقوفها لمغادرة الغرفة والذهاب إلى الإستوديو بمعيته سكبت بالخطأ كوب القهوة الذي تحمله على قميصها.. ذهبت إلى دورة المياه لمحاولة تنظيف ملابسها.. لكن لم تستطع.. ما زال أثر القهوة ظاهراً.. سألت المعد إذا كان لديهم ملابس بديلة..
فأجابها غاضباً : لا يوجد لدينا.. لسنا متجراً.. أنتِ وضعتينا في ورطة.. لا نملك بديلاً الآن.. سنكون في غاية الإحراج مع الجمهور.. لن ندعوك مرةً أخرى.. وداعاً..
غادرت أورمان مقر القناة وهي تبكي بحرقة.. فوجئ والدها بتواجد إبنته أمامه في المنزل وليس على الشاشة كما كان ينتظر.. لقد أخذ إجازة ليوم واحد من مصنع الدجاج.. الذي يعمل فيه من أجل مشاهدة إبنته وهي تتحدث على شاشة التلفزيون..
إرتمت أبنته في حضن والدها وقالت له : فشلت.. لن أنجح في أي مكان..
فأجابها : بل ستنجحين.. لكن لا بد أن تكون لديك دائماً خطة ب.. أي خطة بديلة..
بعد نحو شهر من النحيب والحزن إستعادت أورمان ما حدث لها.. سألت نفسها ـ : ما الخطأ الذي إرتكبته...؟..
تذكرت كلام أبيها.. إكتشفت أنها قامت بكل شيء على أفضل ما يرام.. الشيء الوحيد الذي إعتقدت أنها أخطأت فيه هو أنها لم تحضر ملابس بديلة في ذلك اليوم.. وأنها لم تستعد لأسوأ سيناريو.. مما جعلها تهدر شهراً من حياتها لا تفعل فيه شيئاً سوى البكاء..
منذ ذلك التاريخ وأورمان تقوم بإعداد خطتين لأي مشروع.. ناهيك عن إستعدادها النفسي للفشل قبل النجاح..
تقدمت للعمل في أكثر من بنك لكن دون جدوى.. عملت أورمان نادلة حتى حصلت على فرصة في بنك ميريللينش.. عندما كان يكلفها رئيسها بأي مهمة كانت تقوم بخطتين وتعرضهما عليه ليختار إحداهما.. أطلق عليها فتاة الخطة ب..
تدرجت بسرعة في عملها ثم إنتقلت إلى شركة إستثمار كبرى كنائبة رئيس.. حينها رأت أنه حان الوقت لكي تظهر في التلفزيون لتعوض إخفاقها الأول.. حلت ضيفة على قناة سي إن بي سي بعد أن أرسلت لهم سيرة ذاتية وخطابات تزكية من رؤسائها مع فيديو قصير لها.. ذهبت إلى الإستوديو وبرفقتها ملابس إحتياطية..
سجلت حضوراً لافتاً في حضورها الأول إثر أدائها الرائع والاقتراحات العفوية التي كانت تقدمها للمشاهدين على الهواء مباشرة.. مؤمنة بأنه لا يوجد حل سحري ناجح للجميع.. فالخيارات هي الخيار المناسب.. نجحت لأنها تعلمت الدرس جيداً.
🔴 إبذل قصارى جهدك.. لكن جهز نفسك للأسوأ.. تعلمنا دائماً أن نتوقع النجاح.. ولكن لم نتعلم أبداً الإستعداد للإخفاق..
الطريق إلى النجاح محفوف بالعقبات.. إذا لم نتعلم كيف نتجاوزها نفسياً لن نكمل ولن نصل..
أكثر ما يفسد بهجتنا أننا لا نجهز أنفسنا لعدة سيناريوهات.. نعتقد أن الحياة لا تتسع إلا لإثنين : أبيض وأسود.. بينما الحياة تزخر بالألوان...